مصطفى خليفة
في قلب الجنوب الغربي الليبي، وعلى بعد حوالي 120 كيلومترًا شمال مدينة غات، تقف قلعة العوينات شامخة وسط طبيعة صحراوية خلابة، تحكي تاريخًا يمتد لعقود طويلة من الزمن. هذه القلعة، التي كانت شاهدًا على صراعات تاريخية وتحولات سياسية، لا تزال تحتفظ برونقها رغم مرور الزمن، وتُعدّ من أبرز المعالم الأثرية في المنطقة.

موقع استراتيجي وتاريخ حافل
تُعتبر العوينات بوابة طبيعية لسلسلة جبال أكاكوس الشهيرة، التي تزخر بالنقوش والرسومات الصخرية التي تعود إلى العصر الحجري الحديث، مما يؤكد أن هذه المنطقة كانت موطنًا للحضارات القديمة منذ آلاف السنين. موقع القلعة الاستراتيجي جعلها نقطة مهمة خلال الحقب الاستعمارية، حيث شهدت مواجهات بين السكان المحليين والقوات الإيطالية والفرنسية، وكانت إحدى المحطات المهمة في مسار القوافل التجارية العابرة للصحراء.

الطراز المعماري ووظيفة القلعة
بُنيت القلعة بأسلوب معماري يتناسب مع طبيعة المنطقة الصحراوية، حيث اعتمدت على المواد المحلية مثل الحجارة والطين. ورغم بساطة تصميمها، إلا أنها كانت تُستخدم لأغراض متعددة، منها الحماية والمراقبة، إضافة إلى كونها ملجأ للمقاتلين خلال فترات النزاع.

رمز للتراث والصمود
اليوم، ورغم العوامل الطبيعية والتغيرات التي طرأت على المنطقة، لا تزال قلعة العوينات رمزًا للتراث المحلي، وتحظى باهتمام الباحثين والمهتمين بالتاريخ. إنها ليست مجرد بناء حجري، بل شاهد حي على مقاومة أبناء الصحراء وصمودهم في وجه التحديات.

تبقى القلعة جزءًا لا يتجزأ من الذاكرة التاريخية للمنطقة، تحتاج إلى جهود كبيرة للحفاظ عليها وترميمها، حتى تستمر في سرد حكاياتها للأجيال القادمة.