منصة الصباح

قـــيـــامــــــة

جميل حمادة

ترى أين مضى الأصدقاء؟

أين تلاشوا في مسارب المسافات

أين اختفوا.. في فوضى هذا الليل المجوسي

كأنه كل كان يختار لحنه الختامي/ كي يغني في الظلام

كل مضى على طريقته نحو النهايات

كأنه يريد أن تجيء خلفه النايات في زمن الرؤوس

بعضهم لم يكن يدري بأنه كان

صائرا في حقول الحسرة يحصد أزهار المرارات

أين اختفى أولئك الأصدقاء الذين

كانت كواهلهم جسرا لأحلام الغد والفقراء

كانت قلوبهم جسر أحلام العالم

أين مضى أولئك القمريون كفم كلب أبيض رضيع..!

(عندما يعضون كان يعضون كالسنافر

وعندما يضحكون كانوا يضحكون مثل فريد شوقي

في فيلم أبيض وأسود…وفي كثير من الأحوال

كان يضحكون مثل تحية كريوكا…أحيانا !!

لم يختر أي نهايته…

لم يكن يدري كيف جاءت قصة الناي

ولا يعرف ماذا كان اسم المغني

الذي كان يعبد بالدمع أرصفة المعابر.. والظلال

وأكثر ما يحيرني.. ويركض في دهاليز عقلي كاللغز الأجوف؛

من مات ..مات

ولكن لماذا مات الذي لم يمت بعد

وغادرنا دون أن يقول وداعا، مجاملة، لقاء السنين الخوالي

كما اعتاد في الأمسيات القديمة…!؟

كنا نغني معا «صامدون هنا» في ساحة الميدان

في الطرقات.. في الشاطيء، على دكة الميناء قرب البحر

ولا ننتبه لأحد..كائنا من يكون

كنا نغني ورغم الخراب العظيم نغني

لكن الخراب أضحى هائلا ومريعا

أصبح الخراب العظيم أعظم من قدرتنا على حمله

واحتمال ضحاياه..// كأنه أرتال الجنازات نحو العدم

كانت قلوبنا مثل حقول كستناء

على ضفاف الأرخبيل الشتائي

وضفته مثل مطر ناضح

وأزهار حبق أخضر ورمان نحاسي..!

كثيرون انتبهوا لشكل الشمس في سفر الحقيقة الأبدية

لكن أرواحهم كانت

ناصعة.. كزهرة زنبق

ماتوا مطمئنين على أحوالنا وطعامنا اليومي

وثياب أحفادنا لو قليلا..!!

الآخرون ذهبوا فيما يشبه الرحيل الأخير

ذهبوا وراء الثلج والأمواج

كانت أيامهم غائمة بأمطار صيف نيء

دخلوا في صقيع ثلج قديم

وانحنت أعمارهم في ثلوج الشمال البعيدة

واستكانت لأديم البياض العليل

نهشتهم رياح الأسكيمو

التي تجمد الحجارة في النهر

وتجمد الأيام في كراسة اليدين

وتسحق الأنامل مثل حبات كركم أصفر وثقيل

لم يكن لديهم بعد نقودا ليشتروا ذكريات جديدة

أو معاطف الفراء…

ولكن كان لديهم دولارات كافية لكي يشربوا

نيسكافيه.. وفودكا حارة.. جديرة بأن تعدهم لمواصلة الموت

خارج كتاب الوطن..!!

كأن هذه هي هدأة الكون نحو العاصفة

ربما هي هدأة للتأمل.. في مصائر غامضة كالشهيق

مصائر لم نخطط لها جيدا…!

وكنا نظن بأنا قادرون على أمها… كجنرال متقاعد..!؟

أم تراها هي دورة الكون ؟؟

لتأتي إلينا دابة الأرض

وتنتقل السماوات هاهنا فتصبح جارة قرب أسوارنا

لتحصي سجلات هذا الهباء العظيم الذي

إسمه الإنسان….!!!

شاهد أيضاً

البرتغال تحتفل بالذكرى الخمسين لثورة القرنفل بمهرجان السريالية

وهو التحول السلمي للبلاد من إحدى أطول الحكومات الاستبدادية في أوروبا إلى الديمقراطية. كانت ثورة …