يعكس الاهتمام الدولي المتزايد بقطاع النفط الليبي أملاً متجدداً في إحياء اقتصاد البلاد، فيما تبرز في الوقت نفسه تحديات جديدة أمام الشركات التي تتطلع إلى الاستثمار في هذا القطاع الحيوي.
وتشير تقارير الأمم المتحدة والمصادر الرسمية للمؤسسة الوطنية للنفط (NOC) إلى أن الموارد النفطية كانت تاريخياً أداة في أيدي الحكومات الليبية المتنافسة، ما يزيد من المخاطر التشغيلية للشركات والجهات الفاعلة الدولية.
في 30 أغسطس الماضي، اجتمع القائم بأعمال السفارة الأمريكية، جيريمي بيرندت، مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، لمناقشة “تمكين الشركات الأمريكية من مساعدة ليبيا في تعزيز قطاع الطاقة لديها وتحقيق أهدافها في زيادة الإنتاج”، وفق بيان السفارة الأمريكية. كما أشار البيان إلى زيارة رفيعة المستوى لمدة عشرة أيام قامت بها حكومة الوحدة الوطنية إلى واشنطن بداية من 3 سبتمبر، لتعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية.
كما شهدت الفترة الأخيرة عودة شركات النفط الدولية الكبرى إلى ليبيا، وفق بيانات المؤسسة الوطنية للنفط:
• في 4 أغسطس، وقّعت إكسون موبيل مذكرة تفاهم لإجراء دراسات جيولوجية وجيوفيزيائية في أربعة قطع بحرية قرب الساحل الشمالي الغربي وحوض سرت، بعد غياب دام أكثر من عقد.
• في 7 يوليو، أعلنت شركة بي بي (BP) وشركة شل توقيع اتفاقيات مع المؤسسة الوطنية للنفط لاستكشاف فرص الاستثمار في حوض سرت وحقول النفط المختلفة، بما يشمل النفط غير التقليدي.
وتوضح التقارير الأممية أن حوض سرت يمثل حوالي 80% من الموارد النفطية في ليبيا، وهو يقع بين حكومتي الشرق والغرب، ما يعقد عملية استغلال هذه الموارد بسبب التنافس على السيطرة بين حكومة الوحدة الوطنية (GNU) وحكومة الاستقرار الوطني (GNS) المدعومة من خليفة حفتر. وتشير التقارير نفسها إلى أن إدارة عائدات النفط تخضع أحياناً لأساليب معقدة، مثل عمليات شركة أركينو للنفط الخاصة التي صدرت نحو ستة ملايين برميل خلال الفترة بين مايو وسبتمبر 2024 بقيمة 460 مليون دولار، مع وجود علاقات مباشرة مع نجل حفتر وبعض المستثمرين الدوليين، وفق التقرير الأممي.
ورغم هذه الفرص، فإن المخاطر التشغيلية لا تزال كبيرة:
• سياسية: ضرورة التعامل مع الحكومة المعترف بها دولياً والمؤسسة الوطنية للنفط، لتجنب أي إجراءات قانونية أو عقوبات محتملة.
• أمنية: التوترات بين الجماعات المسلحة في طرابلس والشرق الليبي، بما يشمل عمليات اختطاف واشتباكات مسلحة متفرقة، حسب تقارير مراقبين أمميين.
• قانونية وتشغيلية: الحاجة إلى الالتزام بإجراءات العناية الواجبة ومكافحة الفساد لضمان الامتثال للمبادئ الدولية والوطنية.
في الختام، يشير التقرير الأممي ومصادر المؤسسة الوطنية للنفط إلى أن الاهتمام الدولي المتجدد بليبيا يشكل بارقة أمل لتعزيز الاقتصاد، لكنه لا يضمن الاستقرار طويل الأمد. إذ لا تزال البلاد منقسمة، والجماعات المسلحة نشطة، والفساد مستمر، مما يجعل النفط مصدر تنافس وصراع أكثر منه دعامة للوحدة والتنمية. ويحتاج المستثمرون إلى تطبيق بروتوكولات صارمة للأمن والتشغيل لضمان الاستفادة من الفرص المستقبلية