منصة الصباح

قضية طلاقي سببهـــــــا (عزوزتي)

آمنة ارحومة

تزوجت (ف.أ) وهي بعمر 19 ربيعاً كان زواجها تقليد ، وعاشت مع زوجها في بيت أهله وكانت تقوم بأعمال بيتها وبيت أهله الذي يتكون من أم وأب وستة شباب، ومع هذا الحمل الكبير والتعب إلا أنها لم تنزعج من مسألة التنظيف والترتيب للبيت والطبخ للعائلة.

وبمرور الوقت بدأ وزنها يزداد فأصبح 89 كغ بعد أن كان وزنها 68 كغ ومما زاد قلقها معاملة أمه غير الجيدة لها، وكانت تنتظر عودة زوجها بفارغ الصبر لتشكو له حالها وتخبره بأن أمه تسمعها كلاماً جارحاً وقالت له كل حرف نطقت به حماتها (عزوزتها) (جبت لولدي مراء بايرة ما تعرفش أطيب، ياقهرتي من دون خواتي اللي عندهم كناين فالحات) فيرد عليها بغضب قاطعاً حديثها (ياسر بلا كذب ، أمي نعرفها كويس مستحيل تقول كلام زي هذا) صمتت (ف.أ) ونهض من فوره إلى أمه دون أن يعيرها أي اهتمام ، ولم تتمالك نفسها ودخلت غرفتها وهي تبكي.

مرت سنتان على زواجها ولم يكتب الله لها بأن تحمل طفلا في أحشائها وكانت في كل اجتماع عائلي تسمع من خالاته متى ستنجبين طفلا ناهيك على سوء معاملة أمه لها ومعايرتها بأنها امرأة عاقر ولن تكون أماً ، وبسبب الكلام القاسي الذي توجهه لها حماتها ومعاملة زوجها السلبية لها أصبحت (ف.أ) تأكل وجبات الطعام في أي وقت وبكميات كبيرة كي تنسى همومها.

ـ وخاصة عندما شكت حالها لأهلها الذين كانت تعدهم السند لها في هذه الحياة، إلا أن ردة فعلهم لها كانت قوية حيث قالت لها أمها (هادي حياتك ولازم تتحمليها).

ـ وزادت معاناة (ف.أ) عندما بدأ زوجها يهينها ويعيرها بوزنها الزائد الذي وصل إلى 130 كغ وبأنها عاقر لن تنجب له الولد الذي يحلم به، وكانت تكتم في نفسها كل تلك الإهانات وتستمر في القيام بأمور حياتها اليومية.

ـ وذات مرة وهي تسير في الشارع وإذ بها تمر بجوار عيادة طبية وبعد بضع خطوات خطرت لها فكرة بأن تعرض نفسها على طبيبة نسائية لتعرف ما هو السبب في عدم حملها، وبعد أن أجرت الفحوصات الطبية طلبت منها الدكتورة إجراء بعض التحاليل الطبية لتتأكد من الحالة ، وبعد أن قامت (ف.أ) بإجراء تلك الفحوصات حملت النتائج إلى الطبيبة علها تجد حلاً لمشكلتها ، وبعد أن ألقت الدكتورة النسائية النظر على النتائج أجابتها بأنها سليمة ولا تشكو من أي عارض مرضي يمنعها من الإنجاب وان السبب ربما يكون الزوج، فصدمت مما سمعت وخرجت من العيادة تارة تبكي وتارة أخرى تكاد تطير من الفرحة وهي على هذا الحال إلى أن عادت لبيتها.

ـ وما أن دخلت قدمها من الباب حتى استقبلها زوجها والشرر يكاد يتطاير من عينيه (وين كنتي) خافت منه وقالت له (كنت في المحل نشري في حاجات ناقصتني) فرد عليها (هادي أخر مرة تطلعي فيها وتخلي أمي بروحها) أجابت بنعم ودخلت غرفتها والفرحة تملأ قلبها.

ـ ومن تلك الحادثة لم يعد زوجها يهتم بها وكان يتجاهلها وكأنها شيء غير موجود، وعند أي نقاش بينهما يقول لها (انتي ما فالحة غير في الماكلة، شورني متزوج بقرة مش مراء) ومن شدة كلامه الجارح بكت (ف.أ) إلا أنه لم يراع مشاعرها وأكمل كلامه (انتي ما فالحة غير أمك دارت وقالت .. ديري حل لروحك وخليك زي بنات الناس) لم تتحمل كلامه وارتفع صوتها وزادت حدة النقاش بينهما، فرد عليها (من الأخير اني متزوجك باش تخدمي أمي واللي بتقوله أمي أني موافق عليه).

ـ كبرت المشكلة بينها فقررت (ف.أ) بعد طول تفكير أن نطلب منه الطلاق إلا أنه لم يهتم لرغبتها ورد عليها (اني بنتزوج مرا ثانية جسمها شيق وشكها حلو وتجبيلي صغار مش زي حالتك).

ولكن (ف.أ) في تلك اللحظة لم تتمالك نفسها وكانت ردت فعلها قوية لدفاع عن كرامتها (طلقني وبر اتزوج المرا للي اتجبيلك الصغار) فرد عليها (مش مطلقك وبتقعدي تخدمي أمي لين تموتي).

ـ على فورها اتصلت بأهلها وأخبرتهم بكل ما حدث معها من السب والإهانات بسب وزنها الزائد وتعيرها بأنها امرأة عقيمة وأنها موجودة في البيت فقط كخادمة له ولأمه وأبيه وإخوانه، وأنها لم تتحمل هذه الحياة وتريد الطلاق، إلا أن أهلها لم يشجعوها على الطلاق وقال لها أخيها ( كيف تطلقي شن اهبلتي وشن بيقولوا علينا الناس ومن بياخذك مراء ما تجيبش في الصغار).

ـ فصرخت من الهاتف بأعلى صوتها ( أني ما نيش عيقمة عاينت عند الدكتورة قالتلي ما فيك شئ وتقدري تجيبي الصغار)) ولكن أخيها نصحها بأن تنسي كل شئ وتبقي في بيتها وأن المرأة ليس لها إلا بيت زوجها.

ـ لم  تقتنع (ف ـ أ) بكلام أخيها، وكانت تختلق المشاكل على أبسط الأمور وتطلب من زوجها الطلاق ولكن دون جدوى بحجة من سيخدمه وأهله إذا هي تركت البيت.

ـ كانت كل ساعة تموت غيظاً وحزناً حتى خطرت لها في لحظة فكرة الاتصال بإحدى صديقاتها، وفعلاً اتصلت بها وقصت عليها  مشكلتها بكل تفاصليها، وقالت لها (ضروري تطلقي .. حرام تدفني روحك معاه، لأن من حقك تكوني أم) وهي تسمع كلام صديقتها بدأت (ف ، أ) تبكي بعبرة وحرقة فتعاطفت معها وراعت معاناتها وأرادت تهدئتها ( مادوري حد  لو كان يبك وشاريك ما خلاك وصلتي لحالتك هادي) وأعطتها رقم هاتف محامية لكي تقص عليها حكايتها بهدف رفع قضية طلاق على زوجها.

ـ بعد مرور ثلاثة أيام قررت (ف ، أ) الاتصال بالمحامية، وقصت عليها كل ما حدث معها، وبعد أن درست المحامية المشكلة من كل جوانبها ردت عليها إذا أردتي  رفع قضية طلاق ما عليك إلا توكيل محامي والذهاب إلى المحكمة، ولكن (ف ، أ) ترددت لأمرين الأول لأنها لا تستطيع الذهاب لبيت أهلها لأن زوجها منعها من ذلك والأمر الثاني أهلها لا يردون أن تكون لديهم امرأة مطلقة، وهي تريد أن تبدأ حياة جديدة بعيدة عن زوجها ومشاكله، لتتركه يتزوج المرأة التي يريدها.

ـ وكانت (ف، أ ) في صراع مع نفسها  بخصوص رفع قضية الطلاق، ولكن بمجرد أن تذكرت مديح عمتها للعريس الذي صار زوجها بأنه رجل ذو خلق وكريم وسيحميها وتعايش معه في سعادة، ومر شريط حياتها معه قرابة السنتين وكأنه مائة عام، وما هي إلا دقائق حتى رفعت الهاتف واتصلت بالمحامية وقالت بأنها وكلتها لرفع قضية الطلاق وهي متكفلة بدفع ما تريد، وأن تتصل بزوجها وتخبره بقرار موعد جلسة الطلاق.

ـ وبالفعل اتصلت المحامية بالزوج الذي كان رد فعله سلبياً، وقال للمحامية إذ أردتي عدم المشاكل ابتعدي عن حياتي، لم يتمالك نفسه من شدة الغضب وبدأ يسب ويلعن ويبربر بكلام غير مفهوم واستقل سيارته مسرعاً وعند عودته للبيت بحث عن زوجته وتشاجر معها وانهال عليها بوابل من الشتائم والضرب وقال لها (صار بترفعي عليا قضية طلاق.. هادي أخرتها يا بقرة يا حيوانة) فردت عليه  بأنها ذهبت للدكتور نسائية وأخبرتها بأنها سليمة ولا تعاني من شئ وبإمكانها إنجاب الأطفال ولهذا هي مصرة على الطلاق، فجن جنونه ورد عليها (شن مالا أني اللي عقيم، نجوم الليل أقربلك من الطلاق، والما نتزوج عليك ونجيبها اهني وتخدميها غصباً عنك).

استشارات قانونية

سالمة النقاز – محامية

اولاً: المتتبع لسرد القصة يرى بأنه زواج تقليدي يالمقام الأول، ولهذا قد يحتمل الزواج النجاح أو الفشل، وثانياً: التعنيف اللفظي والجسدي وسوء المعاملة أم الزوج لها حيث أنها كانت تخدمهم بكل طيبة خاطر إلى أن بدر من أمه سلوك مشين بأنها لا تنفع لعمل أي شئ، إضافة إلى أنها عندما لجأت لزوجها لتشكو له حالها لن يدافع عن كرامتها، وهذا أيضاً سوء خلق من الزوج، ثم إصراره على أن تخدم أمه وإخوانه وهذا ليس من واجباتها.. ولدى أرى إذا أرادت التطليق عليها بتوكيل محامي لرفع قضية تطليق لضرر (استحالة عشرة) ووفقاً لهذا تطلق وتسقط عنها جميع حقوقها وفقاً للمادة (39) الفقرة (ب) من قانون الزواج والطلاق الليبي رقم (10) لسنة 1984م باعتبارها طالبة التفريق.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …