مفتاح قناو
لعلنا جميعا قد سمعنا بمبدأ الفصل بين السلطات، والسلطات الثلاثة المقصودة هي السلطة التشريعية التي يمتلكها البرلمان المنتخب من الشعب، والسلطة التنفيذية التي تمتلكها الحكومة المعينة من البرلمان، والسلطة الثالثة هي السلطة القضائية المستقلة عن السلطتين السابقتين بنظام قضائي تحكمه القوانين، ويرفع الشعار المعروف ( لا سلطان على القضاء إلا القانون وضمير القاضي ) لكن هناك نوع أخر مختلف من القضاء عُرف في فترات متقطعة من التاريخ الإسلامي هو قضاء المظالم.
فما هو قضاء المظالم ؟
قضاء المظالم، هو نظام ابتدعه الحكام بعد انتهاء زمن الخلفاء الراشدين، بداية من العصر الأموي، فهناك من يقول بأن معاوية بن أبي سفيان، وهناك من يذكر بان عبد الملك بن مروان هما أول من جلس لقضاء المظالم، الذي تم تأسيسه ليكون بديلا عن القضاء العادي، وفي أحيان كثيرة في درجة أعلى من القضاء العادي، حيث يرأس قضاء المظالم السلطان أو الحاكم نفسه ويترأسه الوالي داخل ولايته، ويتميز قضاء المظالم بوجود وسائل ( القهر والسطوة ) لاعتماده على الأعوان الأشداء التابعين للسلطان والحاضرين بمجلسه دائما، يرهبون المتخاصمين ويلبسون المجلس لباس الهيبة والقوة.
يقوم قاضي المظالم بأداء عمل القاضي العادي، لكنه لا يتقيد ولا يتبع إجراءات التقاضي المعروفة منذ قديم الزمان ولا يهتم بضوابط قبول الدليل أو البينة.
وقد اتفق عدد كبير من فقهاء الشريعة على تعريف قضاء المظالم بأنه ( دفع المتظالمين إلى التناصف بالرهبة، وزجر المتنازعين عن التجاحد بالهيبة )
ويقول عنه العلامة ابن خلدون بأنه ( وظيفة ممتزجة من سطوة السلطة، وإنصاف القضاء تحتاج إلى علو يد، وعظيم رهبة، لتمضي ما عجز القضاء العادي عن إمضائه ).
وقد عُرف قضاء المظالم في العصر الحديث في دولتين عربيتين على الأقل هما السعودية والسودان، ففي السعودية يوجد ديوان خاص يسمى ديوان المظالم، وهو هيئة قضاء مستقلة ترتبط مباشرة مع الملك تضم عدد ستة عشر محكمة إدارية موزعة على مناطق المملكة.
كما أقرت حكومة الإنقاذ الإسلامية في دولة السودان قانون ( المظالم والحسبة العامة ) في عام 1998م، وقد صدر قانونه عن المجلس الوطني ( البرلمان السوداني )عندما كان الشيخ حسن الترابي رئيسا له.
وينشئ قانون المظالم محاكم استثنائية خارج رقابة المحكمة العليا، وفي كثير من الأحيان ينظر في القضايا ( أو المظالم ) بعد الحكم عليها من المحكمة العليا أيضا.