عبدالرزاق الداهش
مع نهاية سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته، لم يعُدْ في ليبيا قطاعٌ خاص، عدا القليل من الحرفيين..
جرت أعمال التأميم والعمعمة على نطاقٍ واسع، تحت لافتات الاشتراكية، والتي كانت مجرد ربوبية الدولة..
وانخرط الجميع في نظام القانون “15” الخاص بالمرتبات..
وصارت الدولة هي من يتولَّى توفير الغذاء، ومواد التنظيف، والملابس، ومستلزمات الأفراح، وحتى البخور..
وكانت الشركات العامة تتأسَّس لجدوى اجتماعية، أيديولوجية، وهات يا إنفاق، وهات يا تعيين..
أما الجدوى الاقتصادية، من ضغط تكاليف، وجودة منتوج، وباقي الشروط التنافسية، فقد ضاعت بين شركات تزدحمُ بالعاملين..
وتحولت الدولة إلى سوق عمل كبير، بدل أن تُحسّن سوق وتوسّع قاعدة الاستخدام.
ومع نهاية التسعينيات جرى توحيد سعر الصرف، وتحرير القيود المفروضة على بيع النقد الأجنبي، والتجارة الخارجية..
ودخلت الشركات العامَّة في حائط المنافسة، بعد أن كانت تعيش على الحماية، واعتمادات الموازنة الاستيرادية..
ودخلت مفردات جديدة تليقُ بالمرحلة، كالشركات المتعثرة، وتوسيع قاعدة الملكية، وعلى هذا النحو..
واكتشف المواطن أن مرتب الحكومة هو الدخل الآمن، انتهى بعناوين أخرى كالمرتبات خط أحمر، والتعيين حق..
وبدلاً من منطق الأجر مُقابل العمل، دخلت ثقافة الأجر مُقابل الوظيفة، والوظيفة هي لكل مواطن ومواطنة..
وصارت الفتاة التي ليس لها إفراج، ورقم مالي، قد لا تحصل على زوج..
وطار رقمُ العاملين في الدولة إلى ثلاثة ملايين موظف، ما يساوي ربع عدد الموظفين في ألمانيا وخُمس ما في بريطانيا..
وكان النفط هو “مستر حل” لكل المشكلات، فهو العباءة التي تُغطي كل عيوبنا، وعيوننا أيضاً..
ولكن إلى متى؟.. هذا السؤال الذي ينبغي أن نفتحه قبل الدخول في الحيط..