24 مليار دولار هو الرقم المتوقع من إيرادات النفط والغاز لهذا العام، وهو الأعلى منذ خمسة أعوام.
و24 مليار بسعر الصرف الرسمي يعني أننا نتكلم على نحو 38 مليار دينار ليبي، وهو رقم لا يساوي قيمة مرتبات القطاع العام .
فإذا أضفنا 32 مليار باب أول في ميزانية عام 2019 لمرتبات باقي القطاع العام من شركات متعثرة، وغير متعثرة، وسفرات، وطلاب في الخارج، فسنجد رقم يلامس وقد يتخطى سقف الأربعين مليار.
هذا ولا نغفل حقيقة أن أكثر من ثلثي مرتبات الليبيين هزيلة، ولا تفي بأقل متطلباتهم، وهو ما دفعهم للبحث عن مصادر دخل أخرى غالبا ما تكون غير مشروعة.
طبعا الحكومة لابد أن تصرف على الأمن، والتعليم، والصحة، وعلى الكهرباء، والنفط، وغيره، رغم معدل الأداء الضعيف جدا.
تعديل سعر الصرف ولو بطريقة فرض الرسوم على بيع النقد الأجنبي، خيار ضروري لمرحلة ولكنه ليس اختيار مثالي لمستقبل بلد.
الذي حدث هو بدل تخفيض الجهاز الإداري للدولة تم تخفيض مرتبات العاملين في هذا الجهاز الإداري.
المشكلة ليست في مواطن محمل بثقافة المرتب الآمن، بل في دولة لم تعمل على تحريره من ذهنية الوظيفة كسفتي، وكشبكة أمان.
وظيفة الحكومة هي تحسين سوق العمل، وتقليل نسبة البطالة، وليس أن تكون الحكومة هي سوق العمل، لترفع منسوب البطالة المقنعة.
والمفارقة أننا بدل أن نكيف مخرجات التعليم مع سوق العمل، صرنا نكيف سوق العمل مع مخرجات التعليم، ففي كل عام تدفع الجامعة بأفواج من اطباء الاسنان والصيادلة، رغم آلاف الزوائد الذين يجري تشغيلهم في التعليم والزراعة، وديوان وزارة الاقتصاد.
ليبيا هي الدولة الوحيدة التي تستورد كل ملابسها من الجورب، إلى القبعة الليبية من السوق الخارجي، رغم المردود العالي لهذه الصناعة، ومرتبات العاملين في الثروة الحيوانية تكفي استهلاكنا من السمك الذي نستورد أكثر من نصفه مجمدا.
فهل سألنا أنفسنا مرة ماذا لو توقف النفط الذي بات بفقد أهميته مع انتشار استعمال الطاقة المتجددة والنظيفة؟
ماذا لو تآكل احتياطيات الدولة من النقد الأجنبي في بلد تستورد كل شيء من الدبوس إلى طائرة الاير باص؟