عبدالرزاق الداهش
لا يعرف اغلب الليبيين عن سريلانكا سوى أنها دولة تصدر الشغالات، والشاي الأحمر المحبب لمائدتهم
النشرة الوحيد التي تأتي على ذكر الحرب المنسية بين السنهاليين والتاميل، هى نشرة التلفزيون الليبي.
تبعد سريلانكا عن ليبيا سبعة آلاف كيلومتر من حيث الجغرافيا، أما من حيث الشأن العام فهناك حالة اقتراب مهمة.
سريلانكا هي ضحية سوء الطالع أكثر من سوء الإدارة، فلقد كان لفيروس كورونا نصيبًا، في مشكلة بلد تعيش على المنتوج السياحي.
ربع قرن والجزيرة في حالة نزيف داخلي بسبب الحرب الأهلية، وظهرت النمور الاسياوية بينما لم تظهر في هذا البلد إلا نمور التاميل.
الرئيس غوتابايا راجاباكسا كان لوقت قريب بطل قومي، انتصر في الحرب على جبهة نمور التاميل، أو على الإرهاب كما يقول.
اختزل الناس مشكلتهم في الرئيس، ببلد طارت ديونه الخارجية إلى ما فوق الخمسين مليار.
تآكلت احتياطيات المصرف المركزي، حتى صار عاجزا تماما على فتح اعتماد للتر بنزين أو علبة حليب مجفف.
لم يعد لهم وقود لتوليد الكهرباء، ولا نقود لتوفير الغذاء، أو الدواء، أو مرتبات لمليون ونصف مليون موظف شبه عاطل.
وكسرت عصاة الجائع قصر الحاكم، ولكن الازمة الاقتصادية قد تصبح كارثة إنسانية، وتذكرة سفر للمجهول.
الشعوب العاجزة تختزل كل مشكلاتها في شخص بعينه، وتضع كل بيض احلامها في شخص بعينه أيضا.
ينتهي الاشخاص وتبقى المشكلة، ويجيء اشخاص ويغيب الحل.
ويظل الوهم هو البضاعة الأكثر استهلاكا في هذا المجتمعات.
في ليبيا لم نغلق النفط. بل حجزنا تذكرة سفر إلى سريلانكا وربما بلا عودة.