كلمة
فتحية الجديدي
كيف لا، ونحن نخسر كل يوم يوماً آخر من حياتنا! وكيف لا ونحن نرمي بفشلنا على غيرنا ونحن مقيدون بمورثات بالية رغم أننا ولدتنا أمهاتنا أحراراً.
توطئة مختصرة للإنسان الذي خلق من نطفة وجعله الله ولداً بجنسه ونوعه وكرمه أفضل تكريم ويوما ما سنرجع إليه، فما لنا قوة ولا ناصر إلا الله عز وجل، هذا الإنسان الضعيف الذي حلّ على الدنيا وعانق الحياة من خلال أفق رباني في حكمته جعل من الأب سبباً لهذا الوجود الدنيوي، الغريب أننا نفتخر بوجودنا وما نحققه في فضائنا السابح دون أن نفتخر بمن هو أعظم وأكثر قيمة، نصف ذواتنا ونختار من سلال اللغة صفوة الكلام والعبارات غير مدركين بأن الآباء يفوقون كل الأوصاف، معتزين بأمجادنا ونختطف من المرحلة ما أعطاه لنا الأب وهو الذي سخر لنا من متاع الدنيا مما رزق جهداً ومالاً ورعاية واحتضاناً، حيث لاتعد علاقتنا بوالدينا علاقة كيميائية ذات أنظمة بيولوجية فقط بل لها أبعاد روحانية مركبة ولولا وجودهم ما كنا نحن ولولا معاركهم مع الحياة ماشب عودنا ولا نضجت أفكارنا ، أليس انتقاص للأب أن نقول عنه حبيب ؟ وهو مصدر المحبة ، فما بالك الذين يعدون خارج طبيعتهم من يجفون آباءهم ! أليس من المفترض علينا أن نكتب عنوانا لمسيرتنا البشرية اسمه الآباء،؟ وكل المؤشرات تدل على أننا مدينون لهم بعاطفة السماء والأرض! بالفعل نحن صاغرون أمامهم وناكرون لدورهم مهما كان اعترافاتنا بقربهم وصلتهم واحتضانهم، لايرجح ميزان الطبيعة إلا بالأب ولا تكون التوازنات الإلهية إلا بخيار الابوة كمصدر للبشر ، ولله الحمد في كوننا نحمل بعض ما حمله آباؤنا وإن توقفت مصائرنا في نقطة غير متلاخقة!، يكفي بأن نقول أبناء فلان ابن فلان ابن ابن فلان ونعود بأصولنا تحقيق لهذا الاعتراف، رحم الله آباءنا.