استطلاع وتصوير / أسماء كعال
تشهد الأسواق خلال هذا الشتاء ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الملابس، ما أثر بشكل واضح على قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم مع دخول موسم البرد. هذا الارتفاع يعود لمجموعة من العوامل الاقتصادية، على رأسها زيادة تكاليف الاستيراد، وارتفاع أسعار النقل والمواد الخام، إضافة إلى تراجع القوة الشرائية لدى المواطن.
هذا الوضع أدى إلى ازدياد الضغوط على الأسر، وجعل شراء مستلزمات الشتاء تحديًا يواجه المواطنين، وفي هذا الاستطلاع ترصد الصباح هذه المعاناة، كما تستقصي آراء التجار.
شتاء «ناري»
«محمد الفيتوري»، رب أسرة، قال إن الأسعار مرتفعة جدًا، مرجعًا السبب الرئيس لعدم وجود رقابة فاعلة، وترك الحبل على الغارب للتجار، ثم تمتم ممتعضًا: “المرتبات ما تسدش.. كيف بنلبس أبنائي”.

وفي محل آخر من محال منطقة صلاح الدين بطرابلس، وجدتها صحبة طفلين تنظر إلى «توتة» شتوية، وعلى محياها أثر السعر المرتفع، سألتها، لتجيب «حنان عبدالله»: “الأسعار مرتفعة جدًا، وأغلب العائلات ذات الدخل المحدود لا تستطيع مجاراة هذا التضخم، الذي جعل من شراء ملابس شتوية للأطفال مهمة عسيرة”.
وأضافت: “حتى برودة الشتاء باتت تحرقنا، إذ ليس المعقول أن نشتري ملابس طفل في عمر 10 سنوات بـ100 دينار وأكثر.. كان الله في عون المواطنين”.
الكرة في ملعب المستوردين
المهنية تقتضي سؤال أصحاب محال الملابس، لذلك قصدنا «مهند الشيباني»، صاحب محل أطفال، الذي أرجع هذا الارتفاع إلى زيادة التكلفة من المصدر، لاسيما في ظل ارتفاع غلاء الدولار، فـ”الغلاء يبدأ من المستوردين، ولا حيلة لنا إلا البيع بسعر يحمينا من الخسارة”.
مشكلة الدولار
بينما اعتبر «حسين الزيتوني» أن الدولار هو أصل المشكلة، فـ”كل شيء مربوط بسعر الصرف، والملابس الشتوية المستوردة تتأثر مباشرة بارتفاع سعر الدولار في السوق الموازي، وكلما تضاعفت التكلفة زاد السعر”.
كما أشار إلى قيمة بوليصة الشحن والجمارك، التي “باتت أغلى من قبل، ما يزيد من سعر القطعة قبل وصولها للمحل، والربح بنسبة بسيطة، والزبائن تظننا نبالغ في الأسعار”.
معاناة أخرى
معاناة التجار وجه خفي من المسألة، يكشفها «محمد الفزاني» بقوله: “أستورد بضاعة قليلة لخوفي من مخاطر الخسارة العالية، بعد أن لمسنا ضعف القدرة الشرائية للمواطن، ونضطر آنذاك لرفع السعر تعويضًا لهذا الخطر”.
وينادي «الفزاني» بتنظيم حكومي لهذا الملف، فـ”الخلل ليس من عند التجار، لاسيما صغار التجار الذين يبيعون بالقطاعي”.

مقاربة.. وأخرى مضادة
يجمع من قابلناهم من التجار أن المشكلة تتجاوزهم، ويربطونها بزيادة التكلفة، وضعف القدرة الشرائية، وارتفاع الدولار وقيمة الشحن والجمارك.
هذه المقاربة لا تلقى قبولًا لدى المواطنين، الذين يجدون أنفسهم يدفعون الثمن لوحدهم، ويضطرون لدفع مدخراتهم درءًا لرؤية فرائص أبنائهم ترتعد بردًا.
وبينما ما زلنا نمضي نحو أيام أكثر بردًا في هذا الشتاء، نتساءل: أتراه يشهد هذا الفصل انفراجة في أزمة الملابس الشتوية أم يكون مجرد فصل من مسلسل تضخم كبير؟ الإجابة ما تزال في طي الغيب، وما لنا إلا أن نتمنى لكم شتاءً دافئًا.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية