صورة وحكاية..
لباس العريس ملمح آخر لروعة غدامس
فتحية الجديدي
يعد اللباس المميز الذي يرتديه الشاب الغدامسي في يوم زفافه من أهم المظاهر والطقوس المتبعة في تلك المدينة الحالمة وسط أمواج الرمال المحيطة بها ، حيث يلبس العريس لباسًا خاصًا في ( يوم الحنة ، تجلبه له العروس ويقوم بوضع الحناء على إصبع يده الصغير ويلفها بقماشة مزينة ويخبئها عندما يكون جالسًا, استعدادًا لاستقبال المهنئين من الأهل والأصحاب وهو يرتدي «برنوسًا» أحمر اللون ، الذي يعد مختلفاً في شكله عن لباس اليوم التالي «يوم زفة العروس إليه» ، كما يستعد أهل العريس لإقامة وجبة عشاء للمعازيم، وأيضًا يقام في ليلة الحناء حفل ساهر يرقص فيه العريس مع وزيريه ، ما يسمونها « بضربة عريس « وباللغة الغدامسية (ازبنبك) – وعندما سألت عن المعنى أجبت : هي عبارة عن دق الطبل والبنادير بواسطة فرقة مكونة من عازف غيطة وستة «بنادرية» ويكون عادة وقت الحنة بين المغرب والعشاء.
( ازبنبك ) هي حفلة فلكلورية تعزف فيها الغيطة صحبة الدفوف ألحان غدامسية ، يرقص بها كثير من الحضور في نوبات ووصلات متنوعة تتوج برقصة خاصة للعريس مع وزيريه وعادة ما تكون في ليلة اليوم الذي يسبق ليلة الدخلة وتكون بعد مراسم حنة العريس وتوزع في هذه الليلة المشروبات و المرطبات المختلفة، وبعدها يتناول وجبة عشاء مع ضيوفه ووزراءه، ومن ثم يأتي الناس لتقديم التهاني وحضور الحفل الذي يرقص العريس ووزرائه في آخره.
يسمى الثوب الأحمر الذي يرتديه العريس في يوم الحناء «الموشى» وتلقي التهاني ويلبس «الموشي» باللون الأبيض في الدخلة ويكشف عن وجهه،
كما جاء في كتاب (غدامس الجوهرة الفريدة ) باب ( العريس الغدامسي ) للكاتب الدكتور / الصديق البخاري حوده :
أما النموذج عن العريس الغدامسي الموجود بمعرض ليالي غدامس بدار الفقيه حسن بالمدينة القديمة ضمن فعاليات ليالي رمضان في موسمه الحالي 2023 فأفادنا بأن عدد أيام العرس في مدينة غدامس تمتد من ثلاثة إلى خمسة أيام وأحيانا تكون سبعاً،كما كان في السابق، ويوم الحنة عادة ما يأتي في الأربعاء ليكون سابقًا مباشرة ليوم الدخلة ، أما العروس فتقوم بوضع الحناء على يديها وقدميها في يوم الثلاثاء ، كما يكون للعريس ما يطلق عليهم الحراس – باعتباره السلطان ووزيران من نفس عشيرته وبنفس عمره، وتسمى المجموعة كاملة (الشاغة) التي تقوم بدورها بكل بما يلزم السلطان من خدمات ولوازمه.
تفاصيل جميلة حققت صورة رائعة في مخيلتي عن الأفراح والمناسبات بمدينة السحر والجمال لؤلؤة الصحراء تلك القطعة التي تلمع خلف الصحراء بألوانها المبهجة غدامس ، وأشياء أخرى اطلعت عليها من خلال مجسمات وشخوص عكست ثقافة خاصة لأهل المدينة وآخرين قاموا بالشرح الوافي عن العلماء والمشايخ الذين ساهموا في تشكيل الوعي المعرفي في الجوانب الاجتماعية والدينية والأدبية ، ووثائق تحمل فتاوى دينية منها ما أطلقت عن حق الدار والسكن وثانية مخصصة لحل النزاعات والخلافات حول عيون الماء وغيرها أما المصنوعات كانت حكاية أخرى لازلت أتلذذ عندما أشاهد نقوشها المتفردة التي تحمل هوية أبناء غدامس من خلال أشكالها وألوانها.
وللملامح أيضًا جذب بصري يحمل انتماء شباب المنطقة الذين كانوا يؤثثون المكان حاملين ودًا وطيبة وسلامًا وفرحا للزوار ، هكذا اكتملت عندي نغمة غدامسية بكل ما تحمله من ثقافة تبادلها الحضور ووقف ورائها أهلها الطيبون.