منصة الصباح

عُطْلَةُ العِيدْ… وَثَقَافَةُ التَّمْدِيدْ

بعد عطلة العيد تحولت طرابلس إلى مدينة أشباح، بسبب الموظف والطالب الليبي، ولنقل المواطن الليبي عموماً، الذي قرر أن (العيد مازال فيه بركة)، وأن (أسبوع العيد كله عيد).

الحكومة أعلنت ثلاث أيام عطلة، والمواطن أعلن أسبوع، بينما الموظف أعلن تمديد غير قابل للنقاش، أما الطالب فقد اختفى في ظروف غامضة، ربما يعود بعد رمضان القادم.

وقد تطور الأمر حتى أصبح الأمر ثقافة، مفادها: إذا صادفت العطلة يوم الاثنين أو الثلاثاء فإن هناك من يقرر -من تلقاء نفسه – أن يكمل الأسبوع عطلة على مسؤوليته الشخصية.

أما عن أيام العمل الرسمية، فهي قصة أخرى، الجمعة عطلة، بحكم الدين والعرف.

والسبت عطلة، بحكم المزاج العام، وأن العالم يأخذ يومين عطلة أيضاً، متناسين أن هذا “العالم” يبدأ يومه مع الفجر، ويعود إلى بيته بعد العصر، وبينهما ساعات من العمل الجاد لا من تصفح الفيس بوك وانتظار القهوة وشاهي.

أما الخميس فهو “يوم العمل الداخلي”، أي أن الموظف يداوم فقط ليغلق الأبواب، ويعلق عليها عبارة (يوم الخميس عمل داخلي)، ويتهيأ نفسياً وروحياً لعطلة نهاية الأسبوع

وبذلك، تبقى الثلاثاء والأربعاء هما قلب الأسبوع النابض… هذا إذا لم يمرض القلب فجأة.. أو لم يصادف الأربعاء فرح بنت عم خالة المدام، التي لا تعرفها المدام نفسها.

انتهت عطلة عيد الأضحى بنهاية يوم الاثنين، وجاء الثلاثاء ومازالت الطرقات في طرابلس فارغة، وجل المكاتب خاوية، والمؤسسات العامة فيها موظف واحد ومكنسة.

أما الشماعة التي يحب أن يعلق عليها كل من يتغيب “الوضع الأمني”.

الوضع الأمني أصبح حجة ذهبية في كل مرة تريد أن تتغيب دون عقاب، والغريب أن “الوضع الأمني” يتحسن فجأة يوم سحب المرتبات، والزيارات، والرحلات.

كل مبادراتنا تفشل، من مؤتمر المصالحة إلى درس النحو في الصف الرابع، ومن مشروع الإصلاح الإداري إلى تنظيف المنزل يوم الجمعة، ولكن لو اقترحت اعتصاماً أو إضراباً عن العمل أو الدراسة، فستجدنا شعباً موحداً مصمماً ومنجزاً.

المقترحات العاقلة تموت عند باب المكتب، أما مقترح “نغيب غداً” فهو يولد ومعه شهادة نجاح.

نحتاج إلى أن يضم يوم الجمعة إلى أيام العمل والدراسة في ليبيا، ليس لأننا طغاة نكره الراحة، بل لأننا نحتاج لموازنة معادلة الغياب الوطني، ولنلحق بالشعوب والأمم الأخرى.

فلنجعل الجمعة – قبل الصلاة- إلى يوم إنتاج، نفتح فيه المؤسسات والمدارس ونتبث به الحضور بالبصمة، وإن لزم الأمر (بالبصامة).

نريد أن نعمل ليس لأننا نحب العمل فجأة، بل لأننا إن لم نعمل الآن، سنصل لمرحلة نستورد فيها حتى أعذار الغياب من الدول المجاورة.

ليبيا لا تحتاج إلى خطط خمسية يقدمها خبراء مجلس التخطيط الوطني، بل إلى خمسة موظفين في مكاتبهم، ولا تحتاج إلى حوار وطني، بل إلى حضور وطني يلبي حاجات الناس.

د. علي عاشور

شاهد أيضاً

ترامب: إسرائيل قد تضرب إيران.. لكن "لا أريد القول إنها وشيكة"

ترامب: إسرائيل قد تضرب إيران.. لكن “لا أريد القول إنها وشيكة”

 صرح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، اليوم الخميس، بأنه يود تجنب الصراع مع إيران، لكنه …