منصة الصباح

في عيد الاضحى .. من أفسد سكين الحاج بشير ؟!

تقرير: طارق بريدعة

ككل عام وفي نفس المناسبة ، يخرج الحاج بشير الغرياني وهو مواطن من طرابلس، يبحث بين شارع وآخر عن مكان لـ”سنّ” سكينه، تجهيزا لعيد الاضحى، لسكين الغرياني قصة، لا يخضع الا للسن ولا يستعمل الا في العيد وشراد آخر جديد ليس ضمن خياراته

حين التجوال في شوارع طرابلس وغيرها من المدن، ستجد الخيام المنصبة على طرفي الطريق والتي حولها الباعة المتجولون إلى محال تجارية مستقلة بذاتها، تبيع كل مستلزمات العيد من سكاكين الذبح والسلخ وأكياس اللحم والحبال والفحم وأدوات الشواء، وباتت اليوم علامة من علامات اقتراب عيد الأضحى.

عيد الاضحي يختلف عن أخيه (الفطر)، ففي هذا الوقت من العام، لا وقت للملابس الجديدة، أو بمعنى آخر “لا أموال تكفي لذلك”، إذ تستنزف أضحية العيد ومستلزماتها مدّخرات المواطنين الذين يعتبر غالبيتهم أن الأضحية ضرورة حتمية حتى وإن “تداينو” لأجلها، ومن بين تلك المستلزمات أدوات الطبخ والشواء والخضروات والعصائر والمشروبات، إذ تتزايد نسبة الطلب على هذه الأصناف مع اقتراب العيد.

“دعم مشروعات” و”مخالفات”

وتتواجد هذه الأدوات والمستلزمات لدى الباعة المتجولين الذين ينتشرون في الأسواق والطرقات ويتزايدون في في الأعياد والمناسبات الوطنية، ويُنظم قرار وزير الحكم المحلي نشاط هؤلاء الباعة، بالتعاون مع وزارة الاقتصاد والتجارة الذي صدر عام 2022، بهدف “دعم المشروعات الصغيرة وتحفيز الاقتصاد المحلي”.

ويتضمن القرار اعتماد نموذج رخصة يشترط توضيح البيانات الشخصية للبائع وتفاصيل عمله، مما يسهل تنظيم الأنشطة التجارية ويعزز الاستقرار الاقتصادي في البلديات.

ويوضح المتحدث باسم جهاز الحرس البلدي طرابلس الرائد امحمد الناعم لمنصة الصباح حول أن انتشار الباعة المتجولين خلال المواسم، يأتي بالاتفاق مع البلديات التي تسمح بإعطاء أذونات وتراخيص للعمل في الأسواق العامة، ويسمح القرار للشباب والعائلات بنصب خيام لبيع المستلزمات الخاصة بالأعياد والمواسم الأخرى بهدف الكسب، ولكن ليس بشكل عشوائي.

وأضاف الناعم أنه خلال موسم عيد الأضحى تم السماح لأكبر عدد ممكن من المتقدمين بالحصول على أذونات، مشيراً إلى أن هناك أسواقاً مثل أبوسليم وسوق الجمعة يتم فيها حصر البائعين لكي تكون العملية منظمة ويسهل على المواطن للذهاب لمكان معين وشراء مايلزمه في أسعار تكون في المتناول.

وعلى الرغم من اتساع رقعة الأسواق المؤقتة، إلا أن جزيرة فشلوم وخيامها وكذلك باب تاجوراء يظلان الأكثر إقبالاً والأشمل تنوعاً في المعروض.

منصة الصباح زارت المكانين والتقت بمعاذ صلاح الذي اعتاد بيع الشوايات في مثل هذا الوقت من كل عام.

يحاول معاذ ترويج بضاعته قائلا: “لدي العديد من الأحجام والأنواع، تفضل خود وحدة ونساعدوك”.

يقول معاذ إنه اعتاد وخاله بيع الشوايات خلال موسم عيد الأضحى كل عام، ويوضح أنهما يملكان ورشة حدادة، ويصنعان الشوايات بنفسيهما.

غير أن معاذ يفتقد خاله هذا العام، والذي ذهب للأراضي المقدسة لتأدية الحج، وظل وحيدا على طاولة الشوايات.

تنظيم الأسواق

ومع استمرار منح الأذونات والتراخيص للباعة، من المتوقع أن ينظم العشرات لمعاذ، إذ يقول عميد بلدية سوق الجمعة، حسام بالحاج، لمنصة الصباح أن البلدية ستستمر في منح رخص شهرية للباعة المتجولين برسوم رمزية.

وأشار بالحاج إلى أن البلدية بدأت بفرض قرار جديد يحدد شروطاً على الرخص والأذونات، من خلال تحديد نشاط البائع وتقديمه للجنة مختصة للموافقة عليها بهدف منع المخالفات والانتهاكات الفوضى التي قد يسببها الباعة.

كما تشهد أسواق المواشي انتعاشة في هذا الموسم الذي تتحول فيه أرصفة العديد من المناطق إلى “زرايب”، كما هو الحال في منطقة تاجوراء.

ويقول مدير شؤون الرخص ببلدية تاجوراء ربيع الكاتب، إن البلدية بدأت رسميا في إصدار الرخص للباعة المتجولين دون أي شروط، إذ أن “بلدية تاجوراء تتمتع برقعة جغرافية واسعة ولايمكن أن وقف نشاط الباعة المنتشرين فيها على طول الطريق الساحلي وبين المناطق عموما.

ويوضح الكاتب أن تنظيم الباعة يحتاج لوقت حتى يظهر، خاصة خلال فصل الصيف بجانب المصائف.

وعلى طول طريق الشط ينتهك الباعة اللوائح والقوانين المنصوص عليها، وهو ما يسعى القرار الجديد لتنظيمه من خلال تحديد أماكن تواجدهم بمواصفات محددة.

وفي مشهد آخر قد يتكرر في شوارع طرابلس ومدن أخرى، استغل خالد الفرجاني الرصيف المقابل لمتجره لبيع المواد المنزلية، إذ يعرض بضاعته أمام المتجر ضاربًا بعرض الحائط الاشتراطات التي تنظم العملية، ويقول إن “إقبال الناس على الشراء أكبر من شهر رمضان الذي شهد ركودا كبيرا”، ويضيف: “مثلًا الشوايات والحبال والسكاكين ينشط بيعهم في هذا الموسم فقط”.

وللحد من مثل هذه التجاوزات، قررت بلدية أبوسليم وقف منح التراخيص للباعة المتجولين بسبب عدم امتثالهم للعقود التي تم توقيعها مع البلدية.

ويقول وكيل بلدية أبوسليم أيمن أبوزعنين لمنصة الصباح إن هذا القرار جاء بناء على قرار من لجان فرعية في البلدية، موضحاً أن الحصول على ترخيص جديد يتطلب من الباعة المتجولين الحصول على موافقة أمنية من الجهات التي تحددها البلدية في وقت لاحق.

وأشار أبوزعنين إلى أن تواجدهم في الطرقات والأسواق بشكل غير قانوني يتطلب إجراءات إضافية لتنظيم النشاط التجاري.

ومع اقتراب العيد، تتسع يوما بعد آخر رقعة انتشار الباعة المتجولين وخيامهم، وبدأت بالفعل تنتشر في باب بن غشير والمدينة القديمة في “سوق المشير” وحتى بن عاشور والنوفليين وزاوية الدهماني، ورصدنا خلال جولتنا أن البضاعة التي يسوقونها متشابهة وكأنها من مصدر واحد، لكن الأسعار تختلف باختلاف حسابات الأماكن.

وخلال جولتنا تقاطعت طرقنا مع الحاج “بشير الغرياني“، حين وجد ظالته لدى أحد الباعة المتجولين.

كان الحاج بشير يهم باختيار سكين للذبح وهو يتمتم: “كان من قلة سوط كان هذا كل عام الواحد يشري في موس ذبح”.
اقترب البائع من الحاج بشير محاولاً مساعدته، فبادره هو بالقول “نبو موس ذبح يمشي العيد ولوحه”، ليرد البائع: “وعلاش تلوحه خود واحد كويس ودسه”.

عندها رفع الحاج بشير صوته بالقول “ماهو هذا اللي ندير فيه وبعدين نلقاه يقرضوا فيه بالبصل وماتعرفش من فسده”.
ولا يقتصر انتشار الباعة المتجولين على عيد الأضحى فحسب، بل يمكن ملاحظتهم طيلة العام.

وخلال فصل الصيف يمكن رصد العديد من سيارات بيع فاكهة الفراولة في موسمها و البطيخ والشمام وغيرها الكثير مما انتقل من أرفف المحال لأرصفة الباعة.

 

شاهد أيضاً

توزيع سلات غذائية وتوفير أغطية للاجئين السودانيين

قام فريق الإغاثة بفرع الهلال الأحمر اجدابيا بتوزيع سلات غذائية بالفرع من مواد غذائية وخضروات …