حاورته /حنان علي كابو
يسكنه الشعر …قبضة حلمه …يبذر فيه ريحه التي عصفت كثيرا .
وبعد أن ترك تجربة مميزة جدا في كتابته الشعرية …وترجمت بعضا من قصائده إلى الفرنسية .
ها هو الشاعر الأديب يطالعنا بوجهه الروائي في باكورة اعماله التي حملت عنوان “عمر آخر ”
حول السرد والشعر ومابينهما كان حوارنا معاه.
لماذا الرواية الآن بعد ثلاثة مجموعات شعرية ؟
السرد الحكائي أعتقد إنه يسكن جميع الناس وكل الناس لها حكايات وعلى الأقل حكاياتها ،فكل إنسان هو رواية تمشي على قدمين،والشاعر أيضا يستهويه السرد الحكائي بكل تأكيد لما في الرواية من براح لا تعطيه له القصيدة،القصيدة التي نعرف جميعا إنها مؤطرة بموضوع محدد وبنفس معين وبتكثيف العبارة الشعرية.
الرواية على عكس ذلك تعطي براحا واسعا وفضاءا كبيرا يستطيع الكاتب أن يحلق فيها بفسلفته ووجهات نظر مختلفة من خلال الشخصيات التي يقدمها وهذا مالا تتيحه القصيدة .
السرد الحكائي يسكن كل شخص، وكان يسكنني وربما جاء وقته الآن ،كانت تسكنني هذه الرواية وربما لذلك لم تستغرق كتابتها أكثر من شهرين، كانت فترة قصيرة نسبياً على كتابة الرواية وهذا مايجعلني أعتقد إنها كانت تسكنني بطريقة أو بأخرى .
وصفك “بطاغور” هل يثقل كاهل قلمك المتحرر ،أم يضاف لسيد الدهشات ؟
الفارق كبير “طاغور “هذا الشاعر المليء بالإنسانية ومتعدد المواهب وصاحب رسالة إنسانية .
عرفت طاغوراً من خلال كتب الراحل الدكتور “خليفة التليسي الثلاث التي ترجمها لطاغور “ووجدت الكثير مني فيه، بكل تأكيد من يشبه بطاغور يشبه بإنه مليء بالإنسانية وهذا مفرح جدا بكل تأكيد .
لكن أيضا أتساءل كما تساءل الراحل “التليسي من قبلي،لماذا لم يكن لطاغور أثر قوي وفاعل في الشعر العربي ؟!،هذا السؤال طرحه التليسي منذ عشرات السنين وأتساءل به بيني وبين نفسي ،تكاد االساحة العربية الشعرية تخلو من الإهتمام ب”طاغور “بينما يتجه الأهتمام بشعراء غربيين .
هل يمكن أن تصنف “عمر آخر “بأدب السير ؟
السير الذاتية لها اشتراطاتها ومعاييرها الخاصة ،فإذا أخل النص بأي اشتراط منها فإنه لايمكن أن يوصف بالسيرة الذاتية .
الرواية 95%هي شخصيات متخيلة فبالتالي لايمكن أن توصف بذلك وإذا افترضنا إنها تقاطعت مع محطات من حياتي فإني لا اعتبرها من أدب السير الذاتية .
تشهد لغتك ثراء معرفيا وإصرارا على خلق الدهشة والجمال ماذا تقول ؟
اللغة هي الوعاء الذي يضع فيه الشاعر فكرته، فكلما اتسع هذا الوعاء كلما حمل الكثير من الأفكار والصور الشعرية،فبالتالي هي وسيلة الشاعر لعلها الوحيدة التي ينطلق بها إلى المتلقي، وبالتالي نجد اليوم بعض الشعراء والشاعرات للأسف تكون لغتهم ضعيفة ،ضعف اللغة بمعناه العام بمفرداتها وتعبيراها بتشكيلاتها وصورها،كلما كان الشاعر أكثر قدرة على التعبير على الفكرة وأكثر سلاسة وأجمل عبارة شعرية .
لماذا اخترت مدنا معينة في روايتك الأولى،مالذي يسكنك فيها ؟
ليست كل المدن التي اخترتها للرواية مررت بها أو سكنت بها،هناك مدن لم أراها في حياتي وهناك من لها خصوصية عندي .
الرواية تصنف من ضمن الأدب الواقعي،الكاتب أو الأديب قد يصور الهم الإنساني لإنسان يسكن في قارة أخرى وإذا تمكن الأديب في جغرافية بعيدة عنه وأجاد في الكتابة عنها يعتبر نصرا له .
لكن ايضا للروائي شيء من نفسه في كل رواية ولو بطريقة غير مباشرة أو شيء غير محدد .
وضعت الحب والحرب في ملحمة واحدة،لماذا ؟
الحب والحرب هذان المفهومان القريبان في رسم الحروف واللذان يقفان على النقيض تماما ،فكرة الرواية هي التي أوصلتنا لهذه النتيجة قد لايكتب الروائي بقرار أنما هي نتيجة حتمية أو تيمة تجسد الثنائية نتيجة لأحداث الرواية .
“قبضة من حلم “،ترجم للفرنسية هل تركت الترجمة تأثيرها على تجربتك الشعرية ؟
ربما فتح لي آفاقا وأعطاني نشوة من الأمل ،لكن للأسف لم يترك بصمة لأنه لم يتم تناوله لا من قريب ولا من بعيد ،فقد تمنيت أساتذة اللغة الفرنسية في الجامعات أن يهتموا لكن لم يحدث ،ماتركه في نفسي من انطباع محبط أكثر مما كان جيد،في المغرب هناك دراسة لقصيدتين في الديوان نشرت بالفرنسية لكن للأسف لم يهتم أحد بذلك لا المتخصصين ولا غيرهم .
أهمية تجربتك الشعرية كمحط دراسة واطروحات وابحاث ومقالات ؟
بكل تأكيد شيء يثلج الصدر أن نرى البحاث الأكاديمين يتجهون للأدب الليبي بعد غياب طويل جدا. لم يكن الناقد الأكاديمي الليبي له اهتمام بالأدب الليبي ولم يكن متاح دراسة الأدب الليبي من قبل النقاد .
في الأونة الأخيرة شهدنا مؤتمرات علمية لدراسة الأدب الليبي،يلتقي فيها البحاث الآن ،والحمد لله حظيت تجربتي الشعرية بنصيب كبير يربو على 10 أبحاث منها مانوقش ومنها في الطريق إلى النشر هي تعريف للشعر،ومن هنا ينطلق كيف نعرف بالأدب الليبي عن طريق النقد الجاد والكتابة الإبداعية والنقد الأدبي تؤامان ،وأتمنى أن يستمر ويعمق لما يمس داخل النصوص ،فعندما نقرأ النقد الأدبي ربما نفهم التجربة وأتمنى أن يخطو خطوات واسعة في هذا المجال .
متى يصبح الشعر سبيلا للخلاص ؟
عندما يعرف الناس أهمية الشعر،سيكون سبيلا للخلاص .
في بعض قصائدك إيجاز ودلالة ،هل كنت تقصد ذلك ؟
العبارة الشعرية لابد أن تكون مكثفة ،وأي تطويل ليس لصالح القصيدة وهذا مايجعل الشعر يختلف عن السرد بشكل عام .
وحيدا غريبا ماله الدهر مؤنس
وافكاره بين المجازات تحبس
متى ينتاب الأديب شعور الوحدة والغربة ؟
كل شاعر يشعر بالغربة الروحية وهذا مايجعل الشاعر يكتب من عمق ذاته .
شعرك رصين متجدد يزينه تمكن لغوي وعروض،من أين استمد عبدالدائم تميز تجربته .
التجربة الشعرية بدأت من هدهدة الأمهات وكبرت حتى مقاعد الدراسة ، كما أن دراستنا للشعر الجاهلي في مراحل التعليم كان لها درو كبير. ثم بدأت الرحلة التي كانت في بدايتها متواضعة ومليئة بالأخطاء وكل قصيدة أكتبها أجدها ليست هي التي أردتها ،والعن وأحذف الكثير منها ،دائما الإنسان في توق إلى الكتابة أكثر .
المواقع الإلكترونية و وسائل التواصل حركت الركود الذي عانى منه الشعر وساهمت في رد الروح للمشهد الشعري ،كيف يراها عبدالدائم ؟
نعم هي بكل تأكيد حطمت قيد الإنتشار،فأصبح المبدع ينشر على الملأ وباستطاعة الشاعر أن يكتب ويرد عليه ناقد أو كاتب في أقصى بقعة من هذا العالم حالا ، نعم، التقنية فتحت آفاقا لكل ذي موهبة لكي يعرض بضاعته ولكن من ناحية أخرى فتحت الباب على مصراعيه فبدأ الكل يكتب ويدعي الكتابة .
ماغاية الشعر اليوم ،وهل حقا يخدم القضايا الإنسانية ؟
غاية الشعر هي خلق عالم جديد على أنقاض هذا العالم الذي نراه .
وبالتالي فإن القصائد الحقيقية هي مايستقبلها الناس ويفهمها المتلقي.
بعض الشعراء والشاعرات يكتبون الغازا وأحاجي، في نظري إن الشعر الذي لايستجيب له ولايستطيع فهمه المتلقي ولايطرب له ولاينسجم معه ولايبكي أيضا معه ،ليس شعرا .
الشعر يجب أن يعبر عن شعور الآخرين ،شعر النخبة لا أتفاعل معه .
كيف وجدت خبر الإقبال على روايتك في معرض الدوحة الدولي للكتاب ؟
أسعدني ذلك بكل تأكيد ويسعدني وأتمنى أن تصل ليبيا ويستمتع بها القاريء ،وأن أقرأ وأسمع أراء من قرأ الرواية .