عمار شنفير
كأس العرب مغربية
اختُتمت أمس في العاصمة القطرية الدوحة منافسات البطولة العربية لكرة القدم، بتتويج المنتخب المغربي بالكأس عن جدارة واستحقاق، عقب مباراة تاريخية أمام المنتخب الأردني انتهت بنتيجة (3–2).
لقاء حماسي امتد إلى 120 دقيقة، قدّم خلاله المنتخب الأردني أداءً تنافسيًا عاليًا حتى اللحظات الأخيرة، غير أن أحكام كرة القدم لا تعترف إلا بالفوز.
تتويج مغربي جاء ثمرة عمل طويل من إعداد وتجهيز ودعم متواصل، فمبروك للأشقاء في المغرب، وحظ أوفر للأردنيين في الاستحقاقات المقبلة.
الرديف كان حاضرًا
ما ميّز أغلب المنتخبات العربية في نهائيات كأس العرب بقطر هو مشاركتها بمنتخبات رديفة أو ثانية، في إطار رؤية فنية واضحة.
في المقابل، شارك منتخبنا بكامل نجومه دون أن يحالفه التوفيق، ليواصل الغياب والإخفاق في المحافل الخارجية.
المنتخبات العربية الأخرى قدّمت مستويات فنية وبدنية تليق باتحادات تعمل ضمن منظومة رياضية فاعلة، على عكس اتحادنا الذي لم يضف شيئًا يُذكر لكرة القدم الليبية المتعثرة.
ومع تكرار الفشل، بات من الضروري فتح الباب أمام كفاءات شابة قادرة على إصلاح المنظومة، بدل الاستمرار في دوامة اتحاد الهزائم المتواصلة.
النشاط المدرسي هو الحل
العودة الجادة للنشاط الرياضي داخل المؤسسات التعليمية، بمختلف الألعاب (كرة القدم، الطائرة، السلة، اليد، الجمباز، ألعاب القوى وغيرها)، تمثل الحل الأمثل لاكتشاف المواهب وانتقاء العناصر المتميزة بشكل علمي وسليم.
المدرسة هي القاعدة الحقيقية لبناء منتخبات قوية وقادرة على المنافسة، ولذلك فإن فتح هذا الملف بات ضرورة ملحّة.
وهي دعوة صريحة لوزارتي التعليم والرياضة للاهتمام بالنشاط الرياضي المدرسي، باعتباره خطوة أساسية نحو نقلة نوعية في تطوير الرياضة ببلادنا.
السؤال المشروع: متى يرى هذا المطلب النور؟
أعلنت 25 فريقًا مما يُسمّى ـ ظلمًا ـ بدوري الممتاز عدم مشاركتها في موسم 2026، ما لم تحصل على دعم مالي حكومي.
اللافت في الأمر ليس هذا التهديد بحد ذاته، بل تهاون اتحاد الكرة في التعامل معه، إذ كان يفترض التعامل بحزم بعيدًا عن سياسة الابتزاز الرياضي.
لو كان القرار بيد اتحاد قوي، لتم إنزال هذه الفرق إلى الدرجة الأدنى، مع تصعيد فرق بديلة للانطلاق بالدوري دون تعطيل.
صعود 9 فرق للانضمام إلى 9 أندية لم تشترط الدعم، ليصبح عدد فرق الدوري 18 فريقًا، وهو عدد منطقي ومناسب، بدل تضخم وهمي يضم 36 فريقًا تُقسَّم على مجموعتين أو تُدار بلا جدوى فنية.
الرضوخ لمطالب أندية تُهدد بالانسحاب خطوة إلى الخلف، ولن ينتج عنه سوى مزيد من الإخفاقات والفشل المتكرر.
أما مسألة الدعم، فهناك وزارة مختصة بالرياضة يُفترض أن تضطلع بدورها، لا أن يتحول الاتحاد إلى وسيط ضغط أو ساحة لـ«ليّ الأذرع».
هذه السياسة لا تخدم الرياضة في بلادنا، بل تعمّق أزمتها، وتكرّس الفشل على المديين القريب والبعيد.
الفئات السنية أهم من المحترفين
لن تتقدم كرة القدم في بلادنا ما لم تولِ الأندية، وخاصة أندية الوزن الثقيل، اهتمامًا حقيقيًا بالفئات السنية (البراعم، الأشبال، الأواسط).
فتح هذا الملف، وتوفير الإمكانات المادية والمعنوية، والاستعانة بمدربين أكفاء لإدارة هذه الفئات، بات ضرورة لا تقبل التأجيل.
التركيز المبالغ فيه على الفريق الأول، والاعتماد على لاعبين جاهزين من العرب أو الأفارقة، لم يحقق الإضافة المرجوة، بل استنزف الموارد دون مردود فني يُذكر.
القاعدة هي الأساس، ومن دونها لن تتطور كرتنا المحلية، ولن يكون لنا حضور محترم عربيًا أو أفريقيًا أو دوليًا.
ابتعدوا عن التعاقدات الخيالية مع المحترفين، واستثمروا في أبنائكم؛ فهم الأَولى بالدعم والاهتمام.
وتجربتا منتخبي قطر والإمارات خير دليل، إذ إن الاعتماد المفرط على المجنسين لم يمنعهما من الخروج المبكر من كأس العرب بالدوحة.
إن لم نبدأ من الفئات السنية، فلن يكون حالنا أفضل من غيرنا، وستبقى أنديتنا العريقة — للأسف — خارج دائرة التأثير الحقيقي.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية