صدرت حديثاً عن “منشورات تكوين» في الكويت، مجموعة قصصية للكاتبة العُمانية “هدى حمد”، بعنوان «سأقتل كل عصافير الدوري»..
ونقرأ في أجواء المجموعة: “لم يكن ثمّة ما يُبهجُ قلبي، أكثر من الذهاب إلى المصنع المهجور الذي يتوسطُ حلّتنا.. هنالك حيث يمكن للخِرق البالية أن تكون حشوة للدُّمى، ولقطع القماش التي خلّفها الخيَّاط «أريان» أن تكون فساتين، وللفتية المُتسخين بالطين أن يكونوا أمراء..
في المصنع المهجور، ينعدمُ إحساسنا بالزمن تماماً، نذوب، إلا أنّ وصول أسرابٍ من عصافير الدوري بشكلٍ متواترٍ لشجر الغاف المحيط بنا، كان علامة جديرة بالانتباه، إذ سرعان ما يعقبُ عودتها صوتُ جدِّي وهو يرفع آذان المغرب.. تلك العصافير الضئيلة، التي يختلطُ لونها بين البني والأبيض والرمادي، تملأ السماء بشقشقاتها الجنائزية، فتعلنُ انتهاء اليوم من دون مفاوضة، أو مساومة، هكذا تتمكن تلك الأجنحة بالغة الرهافة من جلب الظُلمة البائسة، دافعةً الشمس إلى أفولٍ حزين..
في أيامٍ كثيرة لم أعد أحصيها، تحتدُّ أمّي، ويعلو صوتها الغاضب عندما أتأخر: «الغروبُ علامة كافية للعودة إلى البيت»، فأحبسُ نشيجي تحت بطانيتي البنية، وأفكر: «ينبغي قتل كلّ عصافير الدوري بدمٍ بارد».”..
وتعمل الكاتبة والروائية العُمانية “هدى حمد”، رئيس تحرير مجلة “نزوى”..