منصة الصباح

والله عيب!

عبد الرزاق الداهش

تظهر كومة خلف وشاحها ربما يكون شعرها حتى صار رأسها كجهاز كمبيوتر قديم.

تمر بين فترينات السوق في زهو، وهي تومي بهاتفها النقال لطفلة سمراء صغيرة تحمل سلة نصف ممتلئة، لتظل قريبة منها.

تتعمد السيدة توجيه إملاءاتها للطفلة كلما لمحت احد المتسوقين وكأنها تريد ان تبين بأن لديها شغالة.

حالة من التباهي لعلها سلوك تعويضي بسبب عقد نقص.

هذه ليست بداية لقصة قصيرة، إنما جزء من حكاية محزنة

صغيرات في سن الطفولة لدرجة أنهم يختلسن بعض اللحظات للدخول في اللعب مع الصغار.

خادمات صغيرات يغسلن، ويطبخن، ويستبدلن حفاظات الأطفال، وينمن على إسفنجة عند باب المطبخ.

لا حقوق، ولا ضوابط، ولا معاملة إنسانية، ظاهرة صارت اكثر انتشارا.

صغيرات هاربات من حياة أكثر بؤسا، ليجدن انفسهن في حياة أكثر بشاعة.

في اليابان التي لا يخلع فيها الرجل، ولا المرأة بدلة الشغل ليس لهم خادمات منازل، لأسباب ليست مادية.

في أوروبا يمكن استقدام عاملة نظافة لساعات محدودة مقابل أجر محدد في عطلة الأسبوع، ولكن لا يستعملون مديرات المنازل ولاسباب اخلاقية.

في بعض الأحيان تستدعي الذاكرة تلك المسلسلات التاريخية لعرب مكة قبل بداية الدعوة الإسلامية.

وفي أغلب الأحيان تستدعي الذاكرة ما قاله عمر بن الخطاب، ذات غضب: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا.

هل لدينا حنين لزمن الرق؟ هل هي مجرد اتكالية؟ هل هي حالة تباهي، وسلوك تعويضي نتيجة عقدة النقص.

في كل الأحوال، (والله عيب)!

ليتخيل كل واحد منا ابنته، أو اخته في نفس ظروف هذه الطفلة الأفريقية الغلبانة.

شاهد أيضاً

زيادة الوزن وطريق الموت

مع شاهي العصر: توجد دولة في جنوب أمريكا اسمها بوليڤيا بها شارع يعد أخطر شارع …