عبد الرزاق الداهش
عمر دولة سنغافورة، أقل من عمر لاعبنا المحترم فوزي العيساوي.
يعني نتكلم عن شخص لم يصل حتى سن التقاعد لا أمة، ولا حتى قبيلة.
تخلصت منها بريطانيا بالاستقلال، وماليزيا بالانفصال، كانت سنغافورة عبءً حتى على نفسها.
فقيرة جيولوجياً، تحت الأرض لا نفط، ولا غاز، ولا بطاطا، أما فوقها فتكثر المستنقعات، ويتكاثر البعوض.
دولة مساحته أقل من نصف اجدابيا، كانت تتسول حليبها من القاعدة البريطانية.
لا شيء يجمع سكان سنغافورة، لا دين، ولا قومية، ولا لغة، ولا شيءٍ إلا الحزن.
لهذا لم يجد “لي كوان يو”، إلا أن يمد يده للعالم دولة مقطوعة من حجرة.
دشن رجل القانون مسيرته كرجل وطن بالدموع، في بلد يفتقر إلى الماء الصالح للشرب.
وفي شوارع تحتاج إلى جيش من عمال التنظيف صارت أكثر نظافة، مع قوانين تمنع حتى البصق، أو مضغ العلكة في الشارع.
ولأن التعليم هو “مستر كي” لأبواب التقدم، بدأت عملية إصلاحات راديكالية للارتقاء بأداء وجودة النظام التعليمي.
وجرى الاهتمام بالتعليم التقني لتلبية احتياجات سوق العمل.
بنيت المدارس المزودة بكل التقنيات، وتطوير المناهج، وإنتاج بيئة تعليمة محفزة على المعرفة.
وكان الهدف هو صناعة القدرات، والمهارات التي تدير التنمية.
ودخلت سنغافورة مجالات التصنيع، والسياحة، وخدمات اللوجيستك العالمية، ووفرت البراح الحاضن لتدفق الاستثمارات الأجنبية.
وخلال ثلاثة عقود ارتفع الناتج المحلي 57 مرة، من سبع مليارات إلى ما يلامس 400 مليار.
أما دخل الفرد فقد زاد 200 مرة من 400 دولار إلى 80 ألف دولار.
وفي بلد الرؤوس المفتوحة لا أحد يقفل شارع، أو مدرسة، أو حقل بترول، وسنغافورة هي البوصلة، وهي البوصلة فقط.