منصة الصباح
عبد الحكيم كشاد

هل مات الشعر ؟

بورصة العالم الشعرية إلى أين ؟

في كل بقعة من اﻷرض يصارع الشعر والنثر معا كي لا يتحولا إلى فتات ذكريات ، تهيمن الروايات ذات اﻷغلفة اللامعة على رفوف المكتبات ، بينما تقف دواوين الشعراء على نفس اﻷرفف كاﻷيتام ، تقتات من شغف القلة .

وفي اﻷزقة الخلفية يولد الشعر كصرخة في وجه العنف ، الشعراء وحدهم يكتبون لينقذوا ذاكرة العالم من التآكل، أماكلماتهم فهي روح اللغة التي تقاوم لتنقذ الزمن من فقدانه ، وكأن القصيدة باتت درعا لا يرى ! .

في القارة العجوز حيث ولدت قصيدة النثر ، يبدوا أن أبناءها هجروا بيت القصيدة ، و” فرانسا ” التي علمتنا كيف يصاغ التمرد، تغرق اليوم في صراع بين القديم والجديد .

شبابها يخطون الشعر على الجدران لا على الصفحات. هل صار الحبر أقل حرية ؟ . وعبر برغماتية ” السويد ” وفق حسابات المنطق هناك يخشى الشعر ﻷنه لا يقاس ..

في كل مرة يرتفع صوت الشعر في “روسيا” تتعرى السلطة ، كما لو أن تراث “بوشكين “، لم يكن سوى تمرين مبكر على العصيان .

ويعيش البلد الذي انجب الرومي و الخيام تناقضا يكاد أن يكون شعريا في حد ذاته ، فالرقابة في ” إيران ” لا تمنع القصيدة بل تسربها إلى الظل ، لتغدو أكثر وضوحا في كلمات “فروغ فرخزاد” من وراء الزمن (انا لست شاعرة حب ..أنا شهادة ضد الغياب).

اﻵف الشعراء يكتبون ﻷنفسهم في ” الصين “، لاينتظرون طباعة ولا نشرا ، ولا ولوعا بالظهور ﻷنهم يدركون أن القصيدة الحقيقة تولد بالذات حيث توجد الرقابة ! ..

يبتكر النثر في ” الهند ” نفسه بنفسه من اللغات ، ويخترع كاﻵلهة . . في كل القارة السمراء تنحت القصائد في صخر النسيان . أفريقيا اﻷيقونة في ذاكرة القصيدة .

يعيد فيها ” وولي سونيكا ” للشاعر اعتباره كنبي للقبيلة ، ويترجم اﻷسطورة ليحافظ عليها .

الغريب في “جنوب أفريقيا ” أن النثر لم يعد شكلا أدبيا ، أصبح وثيقة شفاء تكتب لتعتق الذاكرة من جحيمها ..

ما أقسى أمة يكون فيها ” المتنبي” ، وتخجل من أبنائها الشعراء في حين تقصى القصيدة من مناهجها، وتجبر على التمويل الذاتي كي تعيش ، لكنها تظل عنيدة كالعادة و مشاكسة في زوايا مدن عواصمها من بيروت إلى دمشق فالرباط وبغداد، تنحت بالكلمات جراحنا ، بينما تضيء في أماكن أخرى جديدة ، يحج إليها الجيل الرقمي ، بحثا عن جملة تبرر اضطرابه الوجودي .

ورغم هذا التحول العميق ، وبعد أن نزل الشعر عن عرشه ليمشي بين الناس . ,, وقد اتخذ وجهة مغايرة لوظيفته القديمة هذه المرة من “التمجيد” وكسب الجائزة إلى التعرية الجارحة .

النثر أيضا اتخذ منحى آخر . لم يعد كذلك يكتب في اﻷبراج العاجية بل في أزقة الشوارع الخلفية حيث تختلط اللغات واﻷصوات والحقائق المفجعة . .

فالشعراء كما يقول “أدونيس” لا يموتون .. بل يغيرون عناوينهم .

عبد الحكيم كشاد

شاهد أيضاً

حفر بئر زراعي بمنطقة المرحان جنوب شرق الزنتان

حفر بئر زراعي بمنطقة المرحان جنوب شرق الزنتان

دشّنت المؤسسة الوطنية للنفط، مشروع حفر بئر زراعي بمنطقة المرحان الواقعة جنوب شرق مدينة الزنتان. …