منصة الصباح

عام مميز…لكن!

زايد…ناقص

بقلم /جمعة بوكليب

لنحاول إن استطعنا- ولو مؤقتاً – نسيان ما يحدث حالياً على الحدود الروسية – الأوكرانية، من قرع مرعب ومخيف لطبول الحرب، حيث عشرات الآلاف من القوات العسكرية المدججة بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والصغيرة، تحتشد مصطفة على الجانبين تأهباً لخوض فظائع حرب أخرى، من المقدر لها لو اشتعلت – لا سمح الله – أن تحرق بنيرانها السلم العالمي، وتضع العالم على قضبان سكة تأخذ ولا ترد. لنحاول، أيضاً، تجاهل ما يتواصل على الساحة الليبية من صراعات وتكالب على السلطة والثروة، بين متنافسين لا يشبع جشعهم وطمعهم شيء، ولننسى – للحظات قليلة- ما يتركه ذلك من مذاق طعم المرارة في حلوقنا، ونحن على مشارف الذكرى الحادية عشرة لانتفاضة فبراير 2011. ولنحاول، مرّة ثالثة، ليس نسيان بل تذكر أن العام 2022 عام مميز حقاً على المستوى العالمي.
البداية كانت في بداية شهر فبراير حيث كان الاحتفال ببلوغ رواية الروائي الايرلندي جيمس جويس عامها المائة. الرواية صدرت للمرّة الأولى بين دفتي كتاب عام 1922. تلك المئوية تزامنت مع اصدار الشاعر الأمريكي الأصل، البريطاني الجنسية، تي إس إليوت قصيدته المشهورة المعنونة ” الأرضُ اليباب.”
رواية جويس فتحت الباب على مصراعيه أمام الروائيين ليخوضوا في تضاريس عوالم روائية جديدة، تخلصت من كل القوالب التقليدية الجامدة. وقصيدة إليوت أيضاً كانت بياناً بولادة موجة جديدة من الشعر، أطلق عليها اسم الشعر الحديث. القصيدة سرعان ما انعكس تأثيرها على حركة الشعر العالمي، ووصل تأثيرها إلى الشرق العربي، وأذنت بأفول زمن قصيدة البيت الواحد، وبداية حركة الشعر العربي الحديث. وكأن هذا ليس كافياً، هانحن والعالم نحتفل بمرور مائة عام على صدور رواية الروائي الفرنسي مارسيل بروست المعنونة ” البحث عن الزمن الضائع.” الرواية ستصدر في طبعة جديدة احتفاء بالمناسبة، ومارسيل بروست ، من قبره، سوف يتابع متبهجاً ما سيرافق المناسبة من محاضرات وندوات ودراسات. واخيراً وليس آخر، تمر هذه الأيام المئوية الأولى على ولادة واحد من أكبر المنابر الإعلامية على المستوى العالمي وبتأثير لا يماثل، الأ وهو هيئة الاذاعة البريطانية ( BBC).
أربعة أحداث في حزمة واحدة، عملت على تطوير الرواية والشعر والإعلام. والأربعة ولدوا، أو بالأحرى ظهروا، في نفس العام – 1922. الغريب أن تتصادف تلك الميلادات الايجابية والمميزة في مسيرة التطور الإنساني بحدث آخر يسير على خط معاكس. ونعني بذلك أن نفس العام 1922 وثّق لوصول الحركة الفاشية في إيطاليا إلى الحكم، ممثلة في الحزب الوطني الفاشي، بقيادة بينيتو موسوليني، فيما عرف بمسيرة زحف الفاشيين أو القمصان السود على روما في شهر أكتوبر من ذلك العام. الملك فيكتور عمانويل الثالث ملك مملكة إيطاليا استقبل الدوتشي في قصره وكلفه بتشكيل الوزارة. ونحن الليبيين على وجه الخصوص نعرف المصير الذي واجهته بلادنا عقب ذلك التكليف. ومن منّا نسى ذلك، أو لا يعرف تفاصيله، عليه بقراءة ما كتبه الجنرال غراتسياني في كتابيه المهمين والمعنونين على التوالي باسم ” نحو فزان.” و” برقة المهدأة.”
وهما كتابان تاريخيان يسجلان تفاصيل أحداث مرحلة استعادة كل ليبيا تحت حكم الاستعمار الايطالي وأدت إلى القضاء على حركة المقاومة بقيادة شيخ المجاهدين عمر المختار، وفرار من بقي حيا من المجاهدين إلى مصر وتشاد وغيرهما من البلدان.
العام 2022 لم ينته بعد. وحالياً، تقرع طبول حرب أخرى في تلك البقعة القصية بين روسيا وأوكرانيا. وندعو الله أن يجنبنا شرورها.

شاهد أيضاً

رئيس المؤسسة الوطنية للاعلام يلتقي بمسوؤلي هيئة رصد المحتوى الإعلامي

الصباح – خاص اجتمع رئيس المؤسسة الوطنية للإعلام عبدالرزاق الداهش اليوم الأربعاء بمقر الهيئة العامة …