منصة الصباح
عبدالرزاق الداهش

من يعرف عاطف التومي؟

عبدالرزاق الداهش

عاطف عياد التومي ليس لاعب كرة أو مغني راب، أو صانع محتوى، ولا ناشط سياسي، يعني اسم غير معروف.

رجل طيب يعيش حياة جد بسيط داخل أسرة بروليتارية مكافحة.

لا يعرف الحزب الديمقراطي، ولا لجنة خمسة زائد خمسة، ولا البعثة الأممية.

لم تدخل قاموس عاطف مفردات على نحو ترند، أو مقطع ريلز، أو بوست، أو بث مباشر، ولم يقف في سمافرو صرمان إلا عند الإشارة الحمراء.

شاب قنوع كل تفكيره في تلك الليلة الأخيرة أنه سيمر على مخبز الجبالي في طريق عودته إلى المنزل صباح اليوم التالي.

عاطف دخل العقد الرابع من عمره، وهو مساعد ضابط في جوازات صرمان.

أحلامه متقشفة، لا يطمح أن يكون وزير داخلية، أو سفير، أو حتى مختار محلة.

كل تطلعاته هي فتح بيت وتكوين أسرة، وأولاد، وتحقيق حلم أمه المؤجل.

شاب ملتزم لا يعرف التغيب عن العمل، أول من يجيء، وآخر من ينصرف، لهذا لم تخطئه قذيفة “ار بي جي” في ليلة بلا قمر أو بلا عمر.

كان عاطف متواجد كخفير في مقر مباحث الجوازات، وكان الدور الأسفل مقرا لمكتب الأمن الداخلي صرمان.

عندما انتشر كلام عن احتجاز أو اختطاف عبدالمنعم المريمي رحمه الله في صرمان من قبل الأمن الداخلي، تعرض المبني الذي يضمه إلى جانب الجوازات لقذيفتين من مسلحين مجهولين.

فجرت قذيفة رأس المرحوم عاطف حتى انه لم يتبق منه شعرة واحدة.

عاش عاطف بصمت، ومات بصمت، ولم تقم من أجله وقفة احتجاجية من ثلاثة أشخاص، أو يحرق إطار عربة يدوية برويطة في “السيمافرو.

حتى مصلحة الجواز لم تنشر نعي أو قرار باعتباره شهيد واجب أو خبر وفاة.

غادر عاطف وكأنه يردد ما قاله الشاعر العراقي عبدالوهاب البياتي ذات حسرة:

“ونحن من باب لباب

نذوي كما تذوي الزنابق في التراب

فقراء يا قمري نموت

وقطارنا أبدا يفوت”

شاهد أيضاً

الفنان القدير رافع نجم في ذمة الله

الفنان القدير رافع نجم في ذمة الله

تنعى منصة الصباح الالكترونية الفنان القدير رافع نجم مدير المسرح الشعبي بنغازي الذي افاه الاجل …