شعيب أبو ساقة
الليالي السود هي فترة زمنية معروفة في الثقافة والموروث الشعبي الليبي وبعض دول شمال إفريقيا، وتتميز بظواهر مناخية وزراعية خاصة تُعتبر ذات تأثير مهم على الحياة اليومية لسكان هذه المناطق، خاصة الفلاحين والمزارعين.
تبدأ الليالي السود من 15 يناير إلى 3 فبراير، وتأتي مباشرة بعد فترة الليالي البيض وعادةً ما تكون مدتها حوالي 14 يومًا وتتميز هذه الفترة باعتدال درجات الحرارة مقارنة بالليالي البيض التي تسبقها، حيث يصبح الجو أكثر دفئًا نسبيًا خلال النهار، رغم استمرار البرودة ليلًا. ويصاحبها أحيانًا تساقط الأمطار.
وتعتبر الليالي السود فترة انتقالية في الموسم الزراعي، حيث تُبشر المزارعين بقرب انتهاء فصل الشتاء ودخول فصل الربيع بالإضافة لكونها فترة مناسبة لزراعة بعض المحاصيل مثل القمح والشعير.
ويُقال إن سبب التسمية يعود إلى اختلاف المناخ ، مقارنة بفترة الليالي البيض التي تكون أكثر برودة وصفاءً، تصبح الأجواء خلال الليالي السود أكثر غيومًا، حيث يطغى اللون الداكن للسحب والسماء على المشهد العام، ويُقال إن “السود” تشير أيضًا إلى خصوبة الأرض في هذه الفترة، حيث تتحسن التربة استعدادًا للزراعة.
وتشير الدلالة الثقافية والاجتماعية بأن الليالي السود تُذكّر الناس بضرورة الصبر والتحمل خلال فصل الشتاء، والاستعداد للمراحل القادمة حيث تشكّل جزءًا من تقويم زراعي تقليدي يعتمد عليه المزارعون في تحديد مواسم الزراعة والحصاد.
الليالي السود ليست مجرد فترة زمنية، بل هي جزء من التراث الشعبي والتاريخ الزراعي الذي يربط السكان بالطبيعة والمواسم وتسميتها تعكس ارتباط الإنسان بمحيطه وتأثير المناخ على حياته اليومية.