تحقيق / إبراهيم الحداد
يمثل طريق عين زارة ووادي الربيع شرياناً اقتصادياً حيوياً لطرابلس، حيث تنتشر على طوله مئات المشروعات الصغرى التي تُعد مصدر رزق لأغلب سكان العاصمة.
مشروع الصيانة والتطوير، الذي كان من المفترض أن يكون باكورة برنامج عودة الحياة الإنمائي وكان من المفترض أن يرفع كفاءة الطريق ويدعم الحركة التجارية، تحول إلى كابوس مزمن ومعوق اقتصادي تجاوز عمره الخمس سنوات، رغم التسريبات الإعلامية التي تؤكد إنفاق مئات الملايين الدينارات عليه.
طموحات انقلبت إلى كوابيس وخسائر بالجملة
أكد عدد من السكان في منطقة مسجد الكحيلي الذين التقتهم صحيفة «الصباح» أن طموحات أغلب أصحاب المحال كانت تتجه نحو الوفرة ورفع قيمة الإيجارات بسبب ميزة الطريق الجديد، لكن الواقع أثبت أن أكثر من 200 محل وورشة حرفية على طول المسار تعرضت للإغلاق أو الانهيار شبه كامل في إيراداتها.
وفي شهادة دامغة، أوضح الحاج «محمد الترهوني»، صاحب محل أخشاب وورشة نجارة، أن خسائره تصل إلى 70%، مؤكداً أن محله يخسر حوالي 7000 دينار شهرياً، عدا التلفيات التي لحقت بالمصنع وفقدانه عدداً كبيراً من زبائنه بسبب الإغلاق المستمر، وترك العمال المهرة للعمل بسبب تراكم الخسائر.
آليات تتجول بغير هدى وانعدام الخبرة يهدد السلامة
تُظهر المشاهد الموثقة من قلب المنطقة حجم الكارثة الاقتصادية التي أحدثتها أعمال الحفر والردم، حيث تسد أكوام الركام والمخلفات والمواد الإنشائية مداخل الأزقة وأبواب المحال المفتوحة التي باتت تخلو من الرواد والمشترين.
هذه الأتربة لا تعيق الحركة المرورية فحسب، بل تتسبب في تلف مباشر للمخزونات والبضائع والمعدات داخل المحال، ويضاف إلى ذلك التأثير الخطير على العملية التعليمية، حيث أدى إغلاق الطريق أمام مدرسة الوحدة العربية في منطقة فطرة وأكثر من 5 مدارس خاصة إلى معاناة التلاميذ الذين يواجهون ويلات المشي في الأزقة الطينية في الصباح الباكر للوصول إليها، فضلاً عن وجود حفر عميقة جدا عند مداخلها مما يهدد حياة أولئك الأطفال.

نداء عاجل لرفع المعاناة وإحقاق الحق
إن ما يشهده طريق عين زارة ووادي الربيع هو أكثر من مجرد تعثر لمشروع صيانة؛ إنه أزمة اقتصادية وإنسانية تتطلب تدخلاً حاسماً، حيث تحولت آمال التطوير إلى مصدر بؤس وتدهور.
وفي هذا السياق، يُشَد على أيدي الجهات الرقابية التي تقع على عاتقها مسؤولية متابعة هذه المشاريع العملاقة وضمان تنفيذها وفق الأطر الزمنية ومعايير السلامة والجودة، فدور هذه الجهات هو خط الدفاع الأول لحماية المال العام وحقوق المواطنين من التقصير والإهمال.
لذلك، نطالب الجهات العليا في الدولة بالتدخل الفوري لإنهاء معاناة سكان هذه الضاحية الحيوية، الذين لم يكتفوا بتحمل الخسائر الاقتصادية الموثقة جراء توقف العمل وتدهور البنية التحتية، بل عانوا أيضاً من أحداث أمنية سابقة يعلمها الجميع ولازالت معالمها وبصماتها ظاهرة على عديد المباني في المنطقة.
يجب أن يكون الهدف الأسمى هو العمل فوراً على تسريع وتيرة الإنجاز للمشروع وفق خطط واضحة، وتوفير تعويضات عادلة وسريعة لأصحاب المشروعات الصغرى المتضررة، وفرض أبسط معايير السلامة المهنية للحد من الأضرار الإضافية، لأن رفع المعاناة عن هذه المنطقة يمثل استثماراً مباشراً في الأمن الاجتماعي والاقتصادي، وضماناً لعودة الحياة الطبيعية والنشاط التجاري الذي يشكل قوام معيشة آلاف العائلات الليبية.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية