منصة الصباح

ضد اليأس

إطلالة

بقلم /جمال الزائدي
يحدث أن تكون الحروب الأهلية ، بغض النظر عما تخلفه من دمار في البنيان وتشوه في الإنسان ..دافعا للشباب من اجل تجديد الطموح والرغبة في حياة وواقع أفضل ..ويحدث أيضا أن تكون هي نفسها سببا في انخفاض مستوى التطلعات وبث اليأس في قلوب الناس..
في حديث دار قبيل كتابة زاويتي هذه، مع الصديقة والزميلة فتحية الجديدي مدير تحرير يومية الصباح ..تناولنا فيه غرابة اتجاهات شريحة الشباب في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ شعبنا وبلادنا ..اتضح  بمقارنة عابرةوان اعتمدت على الملاحظة الشخصية غير المبنية على منهجية منضبطة –  بين أحلام ورغبات جيل سابق من الشباب وبين أحلام ورغبات جيل الشباب الحالي أن سقف الأحلام والطموحات بدل أن يشهد صعودا في المنحنى الايجابي ..يشهد انهيارا حادا لايمكن الا ان يثير المخاوف والاستغراب.
قبل النضج والاستسلام لسيرورة حياة الفرد في مجتمع كمجتمعنا ..كنت وأبناء جيلي نرسم الخطط الكبيرة لمستقبل بمواصفات عالمية ..السفر للخارج لغرض اكمال الدراسة والعودة ..إطلاق مشروع عمل صناعي او تجاري ووووو..كانت أفكارنا وأوهامنا كثيرة و تعكس اقبالا من نوع ما على حياة لم تعطنا ما كنا نأمل وماظننا أنا نستحقه في النهاية ..
الأجيال الليبية التي جاءت من بعدنا كانت اقل حظا منا بسبب الفوضى التي شهدتها البلاد طوال العقد الذي يوشك على المغادرة .. الحروب الأهلية الصغيرة التي تشتعل هنا وهناك ..الأوضاع المعيشية المتردية ..انعدام الاستقرار الضروري لانتعاش أي نشاط اقتصادي أو حتى ثقافي واجتماعي ..انسداد الأفق في وجه أي أمل بتحسن الأوضاع قريبا ..جميعها مؤشرات سالبة تحتشد لتحجب عن قلوب شبابنا اليوم كل احتمالية للتفاؤل ..فأنتكما يقول جاري العشريني العامل بإحدى مصانع الحلويات الكائنة وسط حينا السكنيأمام خيارين لا ثالث لهما..إما أن تتقدم نحو المحرقة لتكون حطبا لسعيرها أو تنجو فتعيش على جثت إخوتك ..وإما أن تنكفئ إلى الظل فترضى بأية وسيلة لكسب الرزق تكفيك ذل تسول ثمن دخانك وقهوتك من أمك أو شقيقك الصغير..
كنت أود أن أقول لهذا الشاب الذي استسلم لليأس كما يبدو ..إن المحنة القاسية التي نعيشها اليوم  لن تكسرنا إلا إذا تمكنت من الشغف بالحياة في قلوبكم الشابة ..ماتهدم من أبنية يمكن ترميمه غدا او بعد غد ..ماتفتق في نسيجنا الاجتماعي يمكن رتقه بتبادل المسامحة والغفران ..مافاتنا على صعيد التنمية يمكننا استدراكه ببذل الجهد المضاعف ..لكن اذا فقد شبابنا الرغبة في المقاومة فلن يتبقى لنا شيء.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …