منصة الصباح

صباحُ يوم خميس

جمعة بوكليب

زايد…ناقص

غادرتُ بيتي صباحاً. صحوُ سماءٍ ربيعي سبقني إلى الشارع. الطرقاتُ على غير العادة، في الظهرة، تكاد تكون خالية من المركبات، ولم يكن يوم عطلة. حيرتي أطلتْ برأسها، وأسئلتي استيقظت. دفءٌ أنثويٌ أحاطني. فواصلتُ السير ممتناً لاختفاء المركبات وضجيجها من الطرقات: أين ذهبتْ ياتُرى؟

في “مقهى الزهور” مقهاي المفضل، احتسيتُ قهوتي الصباحية واقفا كالعادةً أمام الباب الرئيس، ودخنتْ سيجارة. الازدحام المروري المعتاد أمامها صباحاً لا وجود له، وغاب رجال المرور وأختفت أصوات صافراتهم، كما غاب صديقي منير عصمان عن مكانه المعتاد، في الجهة المقابلة من المقهى.

قررت مواصلة السير باتجاه ميدان الجزائر، بهدف التجوال في شوارع مدينة لا أعرف ماذا ألمَّ بها فجأة، في يوم عمل عادي: هل قرر ساكنوها البقاء في أسرّتهم مضجعين على غير العادة، أم أنهم غادروها في ساعة مبكرة باتجاه مدن أخرى، استباقاً لعطلة نهاية الأسبوع، وتركوا شوارعها خالية؟

مررت من أمام مبنى البريد، ثم عرجت على مقهى الفجر( كان بلا رواد) وفي الناصية التي تنحدر نحو شارع الاستقلال، توقفت قدماي فجأة، ووجدتني مصغياً السمع، ومندهشاً. أمامي على الشجر المصطف على الرصيف المقابل، أقامت عصافيرُ حفلاً صباحياً من شقشة تشبه زغاريد، أو من زغاريد تشبه شقشة.

أفقت من المفاجأة، وتدبرت في الأمر. فوصلت إلى استنتاج مفاده أن العصافير في حديقة الغزالة المجاورة للشارع ،استرابت مثلي في الهدوء الغريب الذي حلّ بالمدينة في صباح يوم خميس، لا يختلف عن أي يوم عمل آخر، وقررت التأكد مما يحدث. ولدى اتضاح الصورة لها، وبدلاً من العودة إلى شجر الحديقة، قررت انتهاز الفرصة، باقامة حفل صباحي على شرف الشارع والميدان، ومن صدفَ ولم يكن نائماً من البشر، وكان ماراً، تلك اللحظات، في تلك الناصية من شارع الاستقلال.

حفل عصافيري على شرف متفرج وحيد، في صباح يوم خميس، في مدينة لم تعد تسمع في أنحائها شقشة.

شاهد أيضاً

أمراض الربيع الموسمية الشائعة

في مثل هذه الأيام التي تشهد التزهير وانتشار حبوب اللقاح ( الطلع ) في الجو …