بقلم/ عبدالرزاق الداهش
هل الثقافة هي همّنا الحقيقي، أم أن همنا في الحقيقة هو ثقافي؟ سؤال بالتأكيد ليس للفنطازيا،
ولكنه واحد من أسئلة كثيرة مفتوحة، وقد باتت تشكل حيرة واسعة. حزمة من الأسئلة المشرعة على شواغلنا اليومية، نحن الذين لم نضع الثقافة كمشكلة، رغم أن مشكلتنا في الغالب ثقافة. أليس من يقطع الطريق غير أبه بالإشارة الحمراء، قضية ثقافية قبل أن تكون قانونية؟ والذي يتقاعس في أداء واجبه الوظيفي، أليست قضية ثقافية قبل أن تكون قضية سوء إدارة موارد بشرية. والذي يرفض الآخر المختلف، ويقارع الحجة بالحجب، بدل الحجة بالحجة، أليست قضية ثقافة قبل أن تكون مسألة سلوك؟ والسلوك الغنائمي، وماذا نستفيد، من هذا، أو ماذا نكسبك من ذاك، أليست قضية ثقافية، قبل أن تكون موروثا ذهنيا؟ نعم الديمقراطية ثقافة، وفن الحوار ثقافة، والتسامح ثقافة، واحترام القانون ثقافة، وحتى استعمال ممرات المشاة ثقافة أيضا. كيف نتعامل مع منتجات الحضارة الإنسانية، ومفرداتها، بذهنية واعية، ومتصالحة مع العصر؟ كيف نرتقي بذائقة المستمع، والمشهد، والقارئ، بعيدا عن الردح، وعن الرداءة، وعن الإسفاف؟ كيف نحفز الفضول المعرفي للفرد الليبي لتزويد معدل المطالعة، من أجل كسب أجيال قابلة للتنمية؟ كيف نطور قدرة الناس على التخيل الواسع، للخروج عن أزمة التفكير النمطي، والكسل الذهني؟ كيف نقدم منتوجا ثقافيا يحترم عقل الإنسان القادر على التفكيك، والتحليل، بدل المادة التي تتملق غرائز الناس؟ لكم استفزني ذات مساء باريسي، أو ذات وجع ليبي، ذلك الطابور الطويل، والطويل جدا، عندما عرفت أنه طابور لحضور مسرحية؟