قبل أيام فجّر تصريح للسفير العراقي “أحمد الصحاف” بشأن تصدير شحنة أدوية أورام إلى ليبيا أزمة، وأثار جدلًا بين وزارة الصحة والهيئة الوطنية لمكافحة السرطان، لتتوالى الأحداث برفض شعبي واسع تلاه قرار لرئيس الحكومة بإعفاء الوزير وفتح تحقيق إداري مع عدد من المسؤولين بالوزارة، وحرص بعضهم على نفي علاقته بالشحنة إعلاميًا دون الحديث عن رفعه الأمر للقضاء.
في ديسمبر 2024م، أعلنت شركة (إيفا فارما) المصرية في مؤتمر صحفي بدء إنتاج الإنسولين محليًا، بطموح تصدير سنوي يصل إلى 100 مليون دولار بحلول 2030م، في حين تستمر معاناة ليبيا من تكاليف العلاج بالخارج على الحساب الشخصي للمرضى وذويهم أو على حساب الدولة للمحظوظين، وللمفارقة صرّح وزير الصحة الليبي ونائب رئيس الحكومة “رمضان أبو جناح” على هامش نفس المؤتمر أن فاتورة الأدوية لسنة 2024م تراوحت ما بين 4 و 5 مليارات دولار مقارنة بثلاثة مليارات في 2023م، مرجعًا ذلك إلى تلبية احتياجات المرضى وغلاء أدوية الأورام، دونما إشارة إلى نية التوجه نحو الإنتاج المحلي أو تقليل كلفة الاستيراد فضلًا عن أي تخطيط للتصدير.
كل هذا يطرح سلسلة من الأسئلة: لماذا توقفت ليبيا عن تصنيع الأدوية محليًا؟ من يحتكر الاستيراد؟ وهل توافق كل الأدوية المستوردة معايير الجودة؟ لماذا لا تُفتح في ليبيا مصانع مشتركة مع كبرى الشركات العالمية؟ وما سبب ازدياد حالات السرطان بمختلف أنواعه في البلاد حتى بين المواليد؟ كم عدد شركات الأدوية وهل تتناسب مع الحاجة الفعلية لبلادنا؟ وما هي معايير الكيف والكم لحصولها على الاعتمادات ومقارنتها بفعالية وكمية ما تستورده؟ ولماذا الفارق بين ما يتوفر في مشافي الدولة وما تقدمه مصحات القطاع الخاص؟ ولماذا يضطر آلاف المواطنين الليبيين لتدبر رحلات علاج مكلفة في دول الجوار وأوروبا؟ وما هي الآليات الواقعية لتوطين العلاج بالداخل؟ وما هي تكاليف ومصير شحنة الأدوية العراقية؟ وهل سيخلص التحقيق الإداري لمحاسبة حقيقية في أروقة العدالة لكل من له علاقة بالصفقة أم سيصنف الموضوع كمخالفة إدارية وانتهى؟ وختامًا مَن مِن ذوي المسؤولين سيخضع للعلاج بأدوية الشحنة في رحلة عراكهم مع أشرس الأمراض؟