منصة الصباح

سيجد لها الإنسان حلاّ

محمد الهادي الجزيري

ما هذه الغيمة الجاثمة على صدر العالم ، يكاد ينفق بما فيه ومن فيه، ولا ملجأ لمليارات البشر في كلّ القارات إلا الدعاء والتسبيح ..وثمّة البعض منهم يصغون لما قد تُصدره المخابر العلمية من نتائج عن لقاحات ..قد تأتي على هذا الوباء الخطير الفتّاك …

تغيّرت الحياة منذ استشرى فينا الداء ..وتبدّل كلّ شيء في نمص حياتنا اليوميّ ..فلا عيش ربّ البيت ظلّ كما هو ، ولا حيوات الأم والأخت والأبناء عادت كما كانت … ، فقط يطلّ على العالم خبر مفرح وبهيج ..يقول إنّ التلقيح بصدد النجاح في التجارب السريرية ..وهذا ما يدفعني للكتابة ..فقد طالت المدّة واستبدّ بي القنوط ..لكن الحمد لله فثمة تباشير العلاج القاتل الفتّاك بدت تظهر في نشرات الأخبار العالمية …….

الحفظ الصحي ضروري وهام ..فمن يحرص على الحياة لا بدّ أن يعمل به ، فقد أغلقت المدارس والكليّات وحدّد عدد الجالسين في المقاهي والمطاعم ، كما حدّد عدد الراكبين في سيارات الأجرة ..وانغلقت المحافظات على نفسها فلا داخل ولا خارج منها، وفرض علينا المكوث بالبيوت من الساعة الثامنة ليلا إلى الساعة الخامسة فجرا درءا لكلّ عدوى ممكنة لهذا الوباء المتفشّي بين الخلق …

شخصيّا وبسبب ظروفي الصحية منعت من الخروج للشارع للقيام بالسير بساعة زمن وللقيام بحركات رياضية خفيفة ، نظرا لإصابتي منذ قرابة خمس سنوات بجلطة دماغية، وهذا ترتّب عليه مكوثي بالمنزل مخافة الاختلاط بالوابل والنابل في الشارع ..، وقس على حالتي حالات ملايين الأشخاص من عمّال وموظفين ومن باعة يوميّين لا دخل لهم إن مكثوا في البيت ..، فلا بدّ لهم من الاحتكاك بالناس والبيع والشراء ..، كما لا ننسى الموظفين من مستعملي المترو الخفيف والحافلات العمومية والقطارات الخاصة بنقل المواطنين من وإلى الضواحي ..، ثمّ تأتي الكمامات وما أدراك ما الكمامات ..، فقليل جدّا يضعونها على أفواههم ويعتذرون إن وقع سؤالهم عن سبب امتناعهم عن ارتدائها ..، الحقيقة أنّ المسألة معضلة بأتّم معنى الكلمة ..فقد تعطّل كلّ شيء تقريبا ..وصرنا نتابع الوضع الوبائيّ العالميّ عن طريق نشرات الأخبار ومن خلال ما نشاهده أو نقرأه في شبكة التواصل الاجتماعي ..، فمثلا لنأخذ التلاميذ منذ بدء الأزمة ..أيّ قرابة تسعة أشهر، وهم في شبه عطلة أو استراحة مطوّلة ..، نشعر نحن الكبار أنّهم فقدوا الكثير من اهتمامهم بالدروس ونحسّ بميلهم للعبث واللعب ..فقد صار التعليم بحصة خلال يومين بعد أن كان خمسة وستّة أيام في الأسبوع، كما يفضّل الآباء في قرارة أنفسهم أن يبقوا في البيت مخافة العدوى المتفشية في كلّ مكان …

لنعتبر أنفسنا من شريحة العمّال اليوميين ..فالضربة الموجعة كانت لهم، العامل اليوميّ ينهض صباحا فاتحا ذراعيه لله ..يا الله أرزقني لقمة يومي وما يسدّ رمق عائلتي ..، واليوم لا ينهض باكرا كعادته، فلا لزوم لذلك فالعمل صار محظورا إن كان نادل مطعم أو مقهى أو بائعا جوّالا أو أيّ شيء آخر ..انغلق العالم وسُدّت في وجهه الأبواب ..، من سيقوم بملايين لكي لا نقول بمليارات العمّال اليوميين ..لولا أخبار مفرحة عن إيجاد تلاقيح ناجعة ستُوزع تدريجيّا في نهاية العام الجاري …

أعتقد أنّ هذه الأزمة العالمية سيجد لها الإنسان حلاّ ..، فمن غير المعقول هذا التطوّر الرهيب الذي تعرفه البشرية ..تقضي عليه جرثومة أوفيد 19 أم ما سميّت الكورونا ..فيا علماء الأرض يا من لنا ثقة تامّة فيكم ..: أنقذونا ..لنواصل المسيرة ..ونحقّق الأمن والسكينة والسلام

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …