حـديـث الثـلاثـاء
بقلم /مفتاح قناو
نواصل الحديث عن سحر الركح المسرحي، حيث يعتبر الكثير من المهتمين بالفنون المسرحية أن المسرح اليوناني هو أبو المسارح، وقد كانت علاقة اليونانيين القدماء مع الليبيين وثيقة جدا، حيث تواجد الإغريق في برقة منذ القرن السابع قبل الميلاد، كما كان المسرح الروماني متواجداً بقوة خلال الحقبة الرومانية في ليبيا التي بدأت في القرن الأول قبل الميلاد ولا تزال حتى هذه اللحظة مسارح لبده و صبراته شاهدة على ذلك .
بعد دخول الإسلام إلي ليبيا عرف الليبيون ما يمكن تسميته ( مسرح الحكاية ) أو مسرح الرواية وكان يعتمد علي حكايات يرويها راوية، يمتلك قدرات علي شد الانتباه إليه في قص السير الشعبية، مثل سيرة عنترة العبسي، أو السيرة الهلالية أو سيرة سيف بن ذي يزن أو غيرهم، و هذا النوع من (مسرحت القصص الشعبية) عُرف في الدول المشرقية ( بمسرح الحكواتي ) حيث لا يكتفي الراوية بالقراءة والسرد، بل يتحول في كثير من الأحيان إلي ممثل يشخص الحركات التي تمتلئ بها الحكاية، إضافة إلي تلوين صوته، وتقليد المواقف الدرامية التي يحكي عنها حتى ينفعل معه المتلقون، ويصلون في حالات كثيرة إلي التكبير والتهليل عندما ينتصر بطل القصة في موقف معين، بل وصل الأمر إلي درجة الاحتفال بالأحداث التي تقع داخل الرواية، مثل الاحتفال بزواج عنترة وعبلة في نهاية سيرة عنترة العبسي، بتوزيع المشروبات داخل المقهى، وكانت هذه الأعمال تقدم في ذلك الوقت في المقاهي العامة وقد اشتهرت بعض مقاهي المدينة القديمة بطرابلس والمدينة القديمة ببنغازي بهذا النوع من مسرح الرواية في العهد العثماني .
أما المسرح بشكله الحديث فقد عرفته ليبيا في نهاية العهد العثماني وفي فترة الاستعمار الايطالي من خلال زيارات الفرق المسرحية والغنائية المصرية مثل زيارة فرقة الفنان المصري (سلامة حجازي) في أغسطس 1911م أو فرقة الفنان جورج ابيض في أبريل 1921م وغيرهما .
التأثير الأكبر على المسرح الليبي كان من المسرح المصري، الذي يرى الكثيرون أنه بدوره قد تكون نتيجة تأثره بالمسرح الفرنسي في القرن التاسع عشر.