منصة الصباح
تحت عجلات شاحنته : سائق يفقد حياته في غفوة ارادها للراحة فكانت الأخيرة

تحت عجلات شاحنته: سائق يفقد حياته في غفوة أرادها للراحة فكانت الأخيرة

حيث تمتد الطرقات كشرايين الحياة، وتحت سماء تتلألأ بنجوم لا تعد ولا تحصى، كانت قصة سائق الشاحنة “أمحمد أحمد أمحمد” حيث حكاية تتشابك مع خيوط القدر على نحو مأساوي.

أمحمد، سائق الشاحنات الخمسيني من مواليد 1972، ابن مصراتة الذي غادر دفء بيته بحثاً عن رزق الأبناء، لم يكن يعلم أن ركونه تحت شاحنته للراحة سيكون وداعاً أخيراً لحياته.

ليلة باردة، ربما كانت قد بلغت منتصفها، في منطقة “أم القنديل” شرق ليبيا، حيث لا يكسر الصمت سوى حفيف الريح أو هدير مركبة عابرة. أمحمد، وبعد ساعات طويلة من القيادة الشاقة، قرر أن يمنح جسده قسطاً من الراحة. لم يجد مكاناً أفضل من المساحة الواسعة تحت شاحنته الضخمة، حيث الهواء أكثر برودة، وحيث يرى سائقو المسافات الطويلة فيها ملاذاً آمناً من قسوة الطريق.

غلبه النعاس، وربما حلم بأحبابه أو بموعد عودته القريب.

ولكن، يبدو أن القدر كان له رأي آخر. في لحظة غامضة، لا يعلم كنهها إلا القدر، تحركت الشاحنة. ربما كانت هبة رياح عاتية، أو انحدار بسيط لم يلاحظ، أو خلل فني مفاجئ. اي كانت الاسباب فالمهم أن تلك الأطنان من الحديد التي كانت حصناً امحمد، تحولت إلى كابوس مروع. تدحرجت العجلات الثقيلة فوق جسده الغافي،و لم تمنحه فرصة لصرخة، لم تمنحه وقتاً لوداع. رحل أمحمد ، بصمت، تحت مركبة كانت سبيل رزقه.

تلقت وحدة مرور بن جواد التابعة لمديرية أمن سرت البلاغ في ساعات الليل المتأخرة. كان الخبر صادما فمشهد سائق يدهس بمركبته الخاصة وهو نائم تحتها ، هو فاجعة لا تمحى. هرعت فرق المرور وضابط التحقيق بمركز شرطة بن جواد إلى مكان الحادث. عاينوا الواقعة، رفعوا الجثمان الذي تحول إلى رمز لقصة مأساوية أخرى لسائقين لم يتخذوا اسباب السلامة .

اليوم، بينما يُنقل جثمان أمحمد إلى المستشفى، وتتخذ الإجراءات القانونية، تقف مديرية أمن سرت لتجدد دعوتها الموجهة لسائقي الشاحنات: “تجنبوا النوم أو التوقف في أماكن غير آمنة، لا تستريحوا تحت المركبات. حياتكم أثمن من أي حمولة”.

إن قصة أمحمد ليست مجرد خبر عابر في سجلات حوادث الطرقات. إنها صرخة مدوية في وجه واقع قاس، تذكير مؤلم بأن هناك أرواحا تدفع ثمن لقمة العيش بتضحيات لا تحصى، وأن هناك حاجة ملحة لتوعيتهم حتى لا تبتلع الطرقات المزيد من الأرواح

شاهد أيضاً

"تآكل الدماغ": كيف تحوّل منصات التواصل الاجتماعي عقولنا إلى مساحات سطحية؟

“تآكل الدماغ”: كيف تحوّل منصات التواصل الاجتماعي عقولنا إلى مساحات سطحية؟

هل تشعر أحيانًا أنك تنجرف في دوامة لا نهاية لها من الفيديوهات القصيرة على تيك …