جمعة بوكليب
زايد…ناقص
في الجزءِ الأول من رواية” ثلاثيةُ غرناطة” للكاتبة المصرية الراحلة رضوى عاشور، تبدأ الروائية الفصل الرابع منها بسؤال:” لو قُدّر لأهل غرناطة قراءة الغيب، هل كانت السنوات القليلة التي أعقبت ضياع بلادهم قاعًا لا قاع بعده للمهانة والانكسار؟”
لا أحدَ من أهل غرناطة على قيد الحياة الآن كي يجيب على السؤال. ونحن وإن كنّا، من خلال ما تركه لنا المؤرخون، عرفنا الكثير مما حدث في تلك الفترة الزمنية وما تلاها، إلا أنّه ليس بمقدورنا التطوع بتقديم إجابة عن السؤال، كونه سؤالاً أهل غرناطة أولى منّا بالاجابة عنه. هذا من جهة.
من جهة أخرى، ماذا لو حذفنا اسم غرناطة، وبدلاً منه وضعنا اسمًا آخر؟ وعلى سبيل المثال لا الحصر، فلسطين بعد هزيمة الجيوش العربية عام 1948 وبدء النكبة، آخذين في الاعتبارما حدث للفلسطينين عقبها، وما يحدث الآن.
في “ثلاثيةُ غرناطة”، تخوض الراحلة رضوى عاشوبألم في مستنقع فترة تاريخية آسنة في الأندلس، أطلق عليها المؤرخون اسم مرحلة ملوك الطوائف. آخرهم كان أبو عبد الله محمد الصغير حاكم غرناطة، الذي، استنادًأ للمؤلفة، سَلّم مفاتيح قصر الحمراء للأسبان لقاء مبلغ 30 ألف جنيه قشتالي، وضمان الحفاظ على أملاكه من قصور وضياع، وعدم التعرّض للسكان المسلمين، وضمان حيواتهم وممتلكاتهم وحقوقهم في آداء شعائر دينهم.
نحن نعرف، من خلال ما وثّقه المؤرخون، كيف تعامل ملوك الأسبان مع الاتفاقية بعد سقوط غرناطة في أيديهم. وأدرى كذلك بالشرور التي ألحقها الأسبان بأهلها من المسلمين.
زَفرةُ أبي عبد الله محمد الصغير المهزوم، في التفاتته الأخيرة، مغادرًا غرناطة – في رأيي- بلا معنى. وتختلف مثلاً عن زفرة كل فلسطيني عاش مرارة النكبة في عام 1948، ودخل مرحلة النزوح والتشرد في المخيّمات والمنافي.
الأول باع وقبض الثمن وغادر، فعلام يزفر أو يبكي؟ والثاني باعوه وقبضوا الثمن وتركوه يغَصَّ بزفرته طوال حياته، ويرثها من بعده أبناؤه وأحفاده