منصة الصباح

زحمة ياطرابلس زحمة

د / أبو القاسم صميدة

فى فترة السبعينات من القرن الماضي قام المطرب الشعبي المصري بغناء اغنية أصبحت حديث الساعة وقتها فى مصر وحتى بعض دول الوطن العربي وهى اغنية ” زحمة يا دنيا زحمة ” وهى من الحان الموسيقار هاني شنودة ، وتتحدث عن الزحام الشديد فى القاهرة والانفلات المرورى وعدم قدرة الناس على الوصول الى أماكن عملها وبلوغ غاياتها بسبب الازدحام الشديد وغياب رجال المرور ، وبعد أسبوعين من طرح الاغنية غضب الرئيس المصري الراحل أنور السادات وامر وزارة الداخلية ورجال المرور بالتشديد على تطبيق قانون المرور ومخالفة السائقين المتهورين ، ويومها أصبحت كلمات الاغنية عبارات شائعة بين الناس فالأغنية تصف الزحمة بأنها ( مولد وصاحبه غايب ) أي كأنه عزومه او فرح بلا صاحب او مسؤول فى إشارة واسقاط على حال المرور فى شوارع القاهرة وقتها وغياب رجال المرور ، والآن تذكرت تلك الاغنية التي سمعتها فى شباب قبل ان تزدحم طرابلس وتصبح الآن كأنها مولد وصاحبه غايب فعلا مع ان بعض رجال الامن والمرور يحاولون جاهدين مساعدة الناس فى تخفيف الزحام ،والحقيقة فيعزو بعض الناس أسباب الازدحام المرورى الى كثرة السيارات وضيق الطرق وقلة محطات الوقوف ، بينما يعزو البعض الآخر الزحام الى تقاطر المواطنين على العاصمة واكتظاظها بالأفارقة والنازحين وغيرهم ، بينما يبرر البعض الزحام الى عدم وجود حلول للمختنقات وهو ما يتطلب ضرورة وجود رؤية للمرور بخصوص إقامة كباري فى التقاطعات لتخفيف الازدحام ، ولكن بالمقابل لو نظرنا الى مدن كبيرة وبها كثافة سكانية تتجاوز عاصمتنا طرابلس عدة اضعاف فإننا ربما نستفيد من تجارب تلك المدن فى حل أزمة الزحمة الخانقة ، ففي مومباي وكلكتا ونيودلهي مثلا او فى كاركاس وسان باولو ونيومكسيكو ولاغوس وشنغهاي وهى مدن مليونيه كثيرة العدد استطاعت تلك المدن حل مشاكل الازدحام من خلال توفير المحطات للوقوف وتطبيق القوانين وإنشاء الكباري وتوسيع الطرق وحل المختنقات ، وهى حلول تستطيع بلدية طرابلس ووزارة الداخلية النظر فيها والاستفادة منها للتخفيف من حدة الزحام الذى يتسبب فى ضياع الوقت وتوتر الاعصاب وزيادة القلق والمشاكل بين الناس والخصومات ، وقلة الإنتاجية ، ولعل العامل المهم للتخفيف من الازدحام قبل المرور ووزارة الداخلية هو الانسان نفسة ، فالطريق العام يحتاج للتقدير والتسامح وإعطاء الفرصة للآخرين فالجميع لديه مشاغله ومصلحته وبالتالي فالتعاون والتغاضي عن أخطاء الآخرين وما أكثرها والعطف واحيانا التصرف بحب تجاه الآخرين كل ذلك يخفف من رد فعل العصبية والتهور ويجعل الانسان ينظر للزحام على انه فترة زمنية قصيرة وستنتهى فالصبر جميل وكما يقول المثل الصبر مفتاح الفرج ، وبالمناسبة فكلمات الاغنية تقول : كلمات الاغنية ( زحمه يا دنيا زحمه .. زحمه وتاهوا الحبايب. زحمه و لا عادشي رحمه.. مولد و صاحبه غايب. اجي من هنا زحمه ..و اروح هنا زحمه .. هنا او هنا زحمه) .

شاهد أيضاً

نَحْنُ شُطَّارٌ فِي اخْتِلَاقِ الأعْذَارِ

باختصار د.علي عاشور قبل أيام قليلة نجحنا نحن الليبيون في ما يزيد عن خمسين بلدية …