منذ أن عرفته في تسعينيات القرن الماضي كان الراحل المرحوم إبراهيم حميدان عضوا نشطا برابطة الأدباء والكتاب الليبيين، يمتلك قدرة حركية كبيرة في إدارة نشاطها خصوصا بعد تكليفه بمهام الأمين المساعد للرابطة رفقة أمينها الدكتور علي فهمي خشيم رحمه الله، حيث كانت تجمعنا وقتها اللقاءات والندوات الثقافية المتواصلة، ونذكر له ــ في ذلك الوقت ــ ترحيبه بعرضنا تأسيس نادي للقصة والرواية برابطة الأدباء والكتاب، وكان إصراره وراء صدور قرار التأسيس من طرف الأمين العام للرابطة، حيث سبق أن اقترحتُ عليهم رفقة صديقنا المشترك المرحوم يوسف بالريش خطة عمل لاستحداث نادي للقصة والرواية بمقر الرابطة يهتم بالنصوص القصصية والروائية وفنون السرد عامة، وقد شاركنا المرحوم إبراهيم حميدان في تقديم الموسم الثقافي الأول الذي أحتوى على عدد من الندوات والمحاضرات، مازلت أذكر منها، ندوة السخرية في نصوص القاص علي مصطفى المصراتي، وندوة المكان في قصص الأستاذ كامل المقهور، وقراءات في كتاب ( هذا ما حدث ) للدكتور علي فهمي خشيم، وندوة حول رواية ( مرسى ديلة ) للأستاذ عبد الفتاح البشتي وغيرها من الندوات والأمسيات الثقافية التي تغيب الآن عن الذاكرة، وكانت هذه اللقاءات هي بداية التعاون العملي بيني وبينه.
مرت الأيام وتعرضت رابطة الأدباء والكتاب الليبيين إلى ظروف أدت إلى إغلاقها في المرحلة الأولى، ثم إلى هدم مقرها في المرحلة الثانية، ولم يتبقى لنا بعدها إلا جلسات المقاهي، فكانت جلسات مقهى الصفوة بشارع بغداد، أو مقهى البرلمان بشارع البلدية، أو مقهى برستيج بضاحية رأس حسن.
بعد تعرض طرابلس لحرب أهلية عام 2014م والتزام الناس لبيوتها، مع شبه توقف لمظاهر الحياة فيها، وبعد ابتعاد المعارك عن وسط المدينة، تحرك عدد من الكتاب والمهتمين وفي مقدمتهم المرحوم إبراهيم حميدان لمحاولة فعل أي شيء في اتجاه المساهمة في إعادة الحياة في طرابلس إلى طبيعتها، حيث تم تكوين مجموعة عمل ثقافي كانت في البداية تحت مسمى ( أصدقاء دار الفقيه حسن للثقافة والفنون ) تم تغيير بعدها الاسم بتكوين جمعية ثقافية بمسمى ( الجمعية الليبية للآداب والفنون ) وقد بدأت المجموعة عملها في مارس 2015م بمقر الدار وباحتضان من جهاز إدارة المدينة القديمة طرابلس، بدأت بعقد ندواتها التي قوبلت بتفاعل كبير من المثقفين والكتاب والمهتمين وسائر طوائف المجتمع على اختلاف مشاربهم، وكان للمجهود الكبير للمرحوم إبراهيم حميدان الأثر في إنجاح أعمال هذه المؤسسة الثقافية، فقد كان الراحل أحرص الجميع على اختيار مواضيع الندوات، والأسرع في الاتصال بالمشاركين، وحث الجميع على المساهمة وتقديم الأوراق البحثية لهذه النشاطات، وهو كذلك المبادر الدائم إلى توجيه دعوات الحضور والاتصال الهاتفي بكل المختصين والمهتمين.
لقد كان الفقيد الراحل ركنا هاما من أركان النشاط الثقافي في مدينة طرابلس، وساهم بجدية كبيرة في إثراء المشهد الثقافي من خلال مقالاته الأسبوعية ببوابة الوسط.
صدمنا الأسبوع الماضي بوفاة الصديق المرحوم إبراهيم حميدان، تقبله الله بواسع رحمته وغفر له، لقد كانت وفاته خسارة شخصية كبيرة بالنسبة لي، وخسارة للجمعية الليبية للآداب والفنون، وللنشاط الثقافي بمدينة طرابلس.