منصة الصباح

رجل شرقي

 

نحن نمارس الكذب على أصوله . لا احد يستثني نفسه من ذلك .شاعرمتمكن.كاتب كبير .روائي فذ. طبيب شاطر. مهندس بارع. ربما نستثني من ذلك علماء الدين لأن موقفهم من حرية المرأة واضح وصريح وبيّن .

المشكلة أن النساء يصدّقن ذلك الكذب .الكاتبه والشاعرة والطبيبة والمهندسة .

أنا لست بصدد دراسة ظاهرة الكذب لأننا نختلف فيما بيننا على مفهومه .فالسياسيون يرونه جزءا لا يتجزأ من العمل السياسي والتاجر ينظر إليه من باب الربح والخسارة في تمرير سلعته والبعض الأخر ينظر إليه على أنه متعدد الألوان بين أبيض ورمادي لا لشيء إلا لتطمئن قلوبهم بأنهم على صواب.

وحرية المرأة من أكثر القضايا التي مارسنا فيها الكذب بل مارسنا التقية بمفهومها الإجتماعي خصوصا في مجتمع صغير مغلق كالمجتمع الليبي .فزوجة الكاتب والطبيب والمهندس والاستاذ الجامعي لا تختلف عن زوجة العامل والجاهل والأمي إلا بقدر يسير لا يكاد يرى رغم أختلاف الثقافات .فالرجل المتزوج لا يجد حرجا في مواعدة فتاة قاصر دون علم زوجته ولا يقبل أن تفعل زوجته ذلك .الرجل يخرج ما في قلبه من سكنات وخلجات وآهات مع الموظفة التي تعمل معه وعندما يعود إلى البيت تراه كئيبا مسودا حجته في ذلك( ضغط العمل ) الرجل يراقب حركة المرأة كما يراقب علماء الزلازل حركة الأرض وحرارتها وضغطها .الرجل يرى في وصول المرأة إلى المناصب العليا جنوح إجتماعي خطير لا بد من التصدي له من خلال إفشال مشاريعها لأنه لا يريد أن يغير النظرة التي توارثها عن أسلافه ولا يريد أن يقرن مايؤمن به بسلوكه مع المرأة لأن بعض التخلف كامن في نفسه .ولذلك لا نجد في بلداننا العربية تغييرا جذريا في دور المرأة بل أن المنع والتقليل من شأنها برزت كجزء من إيدلوجيا دينية وإجتماعية مقنّعة بأقنعة القبيلة والأعراف الإجتماعية.

إن أقصى ما وصل إليه الرجل هو أن يسمح لزوجته وابنته ممارسة الوظائف التقليدية في مجال التعليم لأنه يرى أن هذه المهنة مثل المحميات التي تحافظ على التوازن البيئي وتبعد شبح الصيادين .

صحيح أننا مجتمع محافظ ولا نقبل أن تمارس الرذيلة على أرصفة الطرقات وعلى الشواطيء ولكن لا يعني ذلك ممارسة العنف والقهر وتهميش دور المرأة أو القفز فوق تطلعاتها وأحلامها .

لقد تطورت المجتمعات ولا بد أن يتطور معه مفهوم حرية المرأة وإلا سنعود إلى المجتمع البدائي وإلى وأد البنات بأشكال أخرى أكثر تطورا .

نسيت أن أذكّركم بأن المرأة أيضا تمارس الكذب على ذاتها .فهى ترى بأن حريتها تعني إطلاق يدها في كل شيء حتى وإن تجاوزت الخطوط الحمراء وكثيرا ما تقسوا المرأة حينما تطلب الحرية دون تحديد لمضمونها ومقاصدها . وهي غير مطالبة اصلا بطلب الحرية فالمرأة هي من تضع لها الأطر بما يعزز قيمتها الإجتماعية ودورها في بناء المجتمع .

………سالم البرغوتي

شاهد أيضاً

بين الفن والمرآة

يجتهد أصحاب الأعمال الدرامية والمنوعات للاستحواذ على الشاشة في رمضان بين ما ينفع للعرض على …