منصة الصباح

ربّ صدفة خير من ألف ميعاد..

كتبت /آمنة ارحومة

 

ذات مرة وأنا في المدرسة حدثت مشكلة بين التلميذات فسمعتهن يسخرن من زميلتهن، فقلت لهن ( معاش تعزرو زميلتكم) كلهن خفن وصمتن إلا تلميذة واحدة ازدادت في تمردها وهي تسخر من زميلتها، وبدون قصد منى صفعتها على خذها فانهالت بالبكاء فقلت لها وأنا غاضبة ( باش معاش تعزري زميلتك).. وما أن رجعت للبيت حتى أصابني عذاب الضمير وأنا أردد بداخلي (أني ليش ضربتها شن خصني أني باش نضربها )

ـ وفي اليوم التالي آتى خال التلميذة التي ضربتها، وبدا عليه الغضب وهو يتكلم مع ابنة أخته بصوت عالي (وينها المدرّسة اللي ضرباتك) وفي تلك اللحظة نظرت لي التلميذة وأشارت بيدها لي فجاء مسرعاً وهو يقول (علاش ضربتيها كف على وجهها توا نرفع فيك قضية العنف ضد طفلة صغيرة) وبصراحة كنت في البداية خائفة ولكن قررت مواجهته دون أي تردد وقلت له ( معاك حق بس بنتك كانت قالبة الفصل هي وزميلاتها وتعزر في زميلة ليها في نفس الفصل) وعندما قلت لها (عيب تعزري زميلتك) ازدادت عناداً فما كان مني إلا أن صفعتها كي تخاف هي وباقي الطالبات، وأعلم أن ما قمت به خطأ  ولكن كنت مضطرة لذلك لكي أسيطر عليها وعلى زميلاتها.

ـ صمت قليلاً ثم قال ( أولاً أني خالها مش بوها.. وثانياً الضرب طريقة غير جيدة لتأديب تلميذ في مرحلة الابتدائي) في الدول الأوروبية حين يتعرض طفل ما للعنف من قبل معلم ترفع عليه قضية ويعوض أهل الطفل على كل ما سببه له المعلم من ضرر نفسي.. وما أن سمعت كلامه حتى اقتربت من ابنة أخته وأنا امسح على رأسها وأقول (معليشي يا بنتي ما كان قصدي نضربك بس أنت كنت تعزري في زميلتك وهذا عيب) وقبّلتها على رأسها وبالفعل انهمرت الطفلة بالبكاء فحضنتها ومسحت دموعها وقلت لها ( خلاص ما عاد حد يضربك ومعاش اديري أنت الشطانة) ونفس الكلام قاله لها خالها وفي تلك الدقيقة رن جرس الحصة فقلت لها ( توا برى أمشي لفصلك وتوا نجيك) ذهبت الفتاة وهي سعيدة.

ـ وبعدها أعتذر خالها على دخوله بهذه الطريقة فقلت له (الحق معاك ولو كنت في مكانك لفعلت نفس الشيء)، وبدأنا نتبادل أطراف الحديث عن البلاد والحرب ومشاغل الحياة لمدة ربع ساعة ثم أنصرف وعدت أنا لعملي.

ـ ومنذ ذلك اليوم وهو الذي يقوم بنفسه بإيصال ابنة شقيقته للمدرسة، وما أن أراه حتى تفتح أبواب المعارف بيننا فنخوض في الحديث عن الكثير من المواضيع وعن حياته في الغربة وعن حياتي الماضية التي عشتها وكأنني أعرفه منذ سنين خلت.. وفي الكثير من المرات تأتي أفكار مختلفة بأنه يتعمد إيصال ابنة أخته ليتمكن من الحديث معي وفي داخلي أعجبتني فكرة مجيئه للمدرسة

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …