د. علي عاشور
يا ساسة ليبيا… كفاكم فرقة واختلافاً، ومكائد تدار التفافاً…
أما آن لصوت العقل أن يسمع…. ولصناديق الحق أن تفتح؟
أما آن للعبث أن ينزاح… ولهذا الشعب أن يرتاح؟
أما آن لكم أن تكفوا عن خداع الناس… وتحجموا على تعزيز البؤس واليأس؟
لماذا يصر الساسة في ليبيا ومن يساندهم من الخارج على التشبث بالتوافق السياسي في حل الأزمة الليبية؟
أليس التوافق السياسي وعداً براقاً وأسلوباً دبلوماسي؟
يا شعبنا العزيز… ليكن ردكم قولًاً بليغاً… وفعلاً سريعاً… وحصناً منيعاً.
قالوا: لا بد من التوافق قبل الاقتراع، فقولوا: بل لا حياة بلا اقتراع، ولا إصلاح بلا صراع، والصندوق هو الفاصل، لانتشال الشعب من القاع.
قالوا: نريد توافقاً على مقاسنا، ودستوراً يفصل لأهدافنا، وقانوناً يصاغ على مزاجنا… فقولوا: هذا ليس وفاقاً، بل اغتصاب سياسي مغلف بدم الليبي لا بالشمع الأحمر.
فأي توافق هذا الذي ينكر الشعب ويعانق الطبقة؟
وأي منطق هذا الذي يتم فيه إقصاء الإرادة ويصادق الميليشيات والوساطة؟
أي عقل يصغي للمحاصصة، ويصم أذنه عن الانتخاب؟
هذا ليس توافقاً، بل هو تواطؤ يتغطى برداء إجماع زائف…. ويغري المخدوعين بمنطق خائف.
الانتخابات يا سادة ليست خيارا ضمن الخيارات، بل هي الخيار الوحيد لكل من لم يصاب بداء الكراسي.
قالوا: لا صوت يعلو فوق صوت المرحلة، فقولوا: بل لا صوت يعلو فوق صوت العدالة.
قالوا: مصلحة الوطن تقتضي التأجيل، فقولوا: بل مصلحة الكراسي تكره التبديل.
الديمقراطية لا تستورد من الخارج، ولا تفصل تحت الطاولة، ولا تطبخ في فنادق العواصم… بل تولد من رحم الصندوق، وإن تأخر المخاض، فالصبر أولى من جلاد شرعي أطلقوا عليه بالتوافق السياسي.
قالوا: لا دستور لدينا، فقولوا: وكيف يكون لنا دستور ونحن لم نحتكم للصندوق؟ وهل الدساتير تخلق في الفراغ، أم تفرزها إرادة الشعب إذا نودي يوم الاقتراع؟
قالوا: الانقسام كبير، فقولوا: والدواء في قرار تقرير المصير، لا في المساومات الصغيرات، ولا في اتفاقات تولد ميتة وتدفن في أرفف مكاتب الوزارات.
يا دعاة التوافق، ارتاحوا… فأنتم لستم سوى صوت المماطلة في زمن الارادة، وسلالة التمديد في عهد التأبيد.
أما آن لكم أن تسلموا بأنه لا طريق للخلاص إلا عبر الانتخابات؟
أما آن لكم أن تعترفوا بأن الشعب ليس بحاجة لحواركم وآرائكم، بل لحقه في اختيار مصيره، ومشاهدة سوء مصيركم؟
كفى عبثا، كفى لعباًً، كفى تكراراً لأسطوانة مشروخة اسمها (التوافق)، فقد أصبحت نغمة نشاز، في وطن يبحث عن قرار وإنجاز.
فلتفتح الصناديق للناس، وليكن الشعب هو الحكم، لا صالونات المساومات … ولا (كولسه) المرابيع والمحاصصات.