منصة الصباح

بِمَعُونَةِ الإِعْلَامِ تُصْنَعُ الْأَجْيَالُ

باختصار

د. علي عاشور

يؤدي الإعلام دوراً محورياً في تشكيل وعي الأفراد والمجتمعات، خاصة شريحة الأطفال، إذ لم يعد الإعلام اليوم مجرد وسيلة إخبارية وترفيهية، بل أصبح أداة تربوية وتعليمية مؤثرة وقادرة على غرس القيم، وتعزيز السلوكيات الإيجابية، وتنمية الشعور بالمسؤولية لدى الأجيال الناشئة.

وبما أن الأطفال يتعرضون يومياً لكم مهول من المضامين التي تعرضها وسائل الاتصال والإعلام المختلفة، الأمر الذي يجعل من هذه الأخيرة شريكاً استراتيجياً في العمليتين التربوية والتعليمية شئنا أم أبينا، لذلك فإنه من الضروري التعاون بين وزارة التربية والتعليم والجهة المسؤولة عن وسائل الإعلام في الدولة لتوجيه هذا التعرض بشكل إيجابي وفعال، بما يسهم في بناء شخصية الطفل على أسس من القيم والأخلاق النبيلة.

إن التربية والتعليم يشكلان الأساس القوي لبناء مجتمعات متماسكة ومتطورة، وتعد وسائل الإعلام أحد الأدوات الفعالة التي يمكنها دعم العمليتين التربوية والتعليمية، وذلك من خلال تقديمها لمحتوى تربوي تعليمي جذاب ومقنع، ليس فقط ببث ونشر الدروس التعليمية في القنوات التلفزيونية المتخصصة، ولكن يجب أيضاً إنتاج مقاطع فيديو قصيرة ومركزة، تعزز القيم الأخلاقية والمعرفية لدى الأطفال، وهذه المقاطع يمكن نشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي لتصل بسرعة إلى جمهور الأطفال وتترك تأثيراً أعمق في نفوسهم.

وتعتبر التجربة الصينية مثالاً يحتذى به في هذا السياق، حيث تعاونت وزارة التعليم مع الجهات المعنية بالإعلام في الصين على إنتاج مقاطع فيديو لا تتجاوز مدتها خمس دقائق، تركز على توجيه النشئ وتعليمهم القيم والأخلاق الحميدة مثل احترام الوالدين، والعمل الجماعي، والصدق….. وغيرها من القيم التي لاحظ الخبراء تراجعها في المجتمع الصيني، ومن تم، بدأت المدارس بعرض هذه المقاطع على التلاميذ، إلى جانب نشرها بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي في الصين، الأمر الذي جعل الأطفال يتفاعلون مع محتواها، ويتعلمون منها بشكل غير مباشر.

فلماذا لا يكون في ليبيا مثل هذه المبادرات؟، لماذا لا تتعاون وزارة التربية والتعليم مع المؤسسة الوطنية للإعلام في إعداد محتوى إعلامي يراعي الأعمار المختلفة للأطفال، ويعكس القيم المجتمعية؟، فالأمر ليس مستحيلاً إذا ما تضافرت الجهود بينهما.

هذا التعاون يمكن أن يشمل إنتاج مقاطع فيديو تربوية وتعليمية مشتركة، تعرض عبر قنوات التلفزيون الوطنية ومنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى إطلاق حملات إعلامية توعوية تستهدف الأطفال والأسر، لتعزيز مفاهيم المواطنة والتسامح وقبول الآخر، كما يمكن عرضها على التلاميذ في المدارس، بحيث يصبح الإعلام جزءاً لا يتجزأ من العمليتين التربوية والتعليمية.

فالإعلام هو الوسيلة الأسرع للوصول إلى عقول الأطفال ووجدانهم، لذا من الضروري أن يتم توجيه رسائله نحو تعزيز القيم الإيجابية، كما يجب أن يكون -الإعلام- شريكاً في تشكيل مستقبل الأطفال، لا عبئاً يهدد تربيتهم، فالاستثمار في الإعلام التربوي هو استثمار في مستقبل المجتمع، وبمعونته يمكن أن نصنع أجيالاً واعية وقادرة على مواجهة تحديات الحياة، ومتسلحة بقيم إنسانية وإسلامية راسخة.

 

شاهد أيضاً

الباعور يبحث مع برنت تعزيز التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية

الصباح بحث المكلف بتسيير شؤون وزارة الخارجية “الطاهر الباعور” مع القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة …