منصة الصباح

المعرفة والتنمية

 

د.علي المبروك أبوقرين

إن العلوم والثقافة والآداب والفنون والإعلام هم روافد وحصون المجتمعات ، وهم الأدوات التنويرية المحافظة على الثوابت الاجتماعية والأخلاقية والهوية ، وهم المرآة الصادقة للواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ، وحلم المجتمعات في النهضة والتنمية والتطور المعرفي الذي يصنع حضارات الشعوب ، وهم البوصلة التي تصوب الانحرافات الفكرية ، وتحافظ على ثقافة وموروث وعادات وتقاليد الأمة التي تعزز الانتماء للوطن والتشبت بالدين والارتباط بالهوية التي عاش عليها المجتمع الالاف السنين وسيظل عليها ما أستمرت الحياة متسلح بالدين وبالعلم والمعرفة والثقافة ، حريص على لغته العربية الجميلة وصورته الاخلاقية الراقية وأفعاله الإنسانية النبيلة ، بالمحبة والتسامح والعطاء والايثار يحيا ويعيش مع الأهل والقريب والصديق والجار ،
إن الكلمة هي التي تبني أو تهدم وتُعمر أو تُدمر ، والكلمة هي بذرة الخير أو بذرة الشر ، وهي التي تنهض بالأمم للقمم أو في الحضيض تسقطها كالرمم ،
ولذلك على الجهات المسؤولة أن تعلم أن الثقافة هي نتاج المعرفة والعلم هو السعي وراء المعرفة ، ولا تنمية بلا علم ولا معرفة ، وفي مجتمعاتنا العربية للأسف يستوي من ينعم في ملذات الاقتصاد الاستهلاكي التافه وكثرة الاسواق والمطاعم والمقاهي والملاهي ، ومن يغرق في الديون والبطالة والتضخم والغلاء وانهيار العملة الوطنية جميعهم في الجهالة ينعم ولن يكون للتنمية مقصدا أو مغنم ،
ولذوي الشأن العلماء والمثقفين والأدباء والكتاب والشعراء والإعلاميين والصحفيين والفنانين بكل أطيافهم وتخصصاتهم ، وكل من له باع في الشأن الثقافي والمعرفي ، أن يعلموا أن عطاؤهم لا يحده عمر ولا يمنعه مرض ولا ينهيه موت ، وأن أعمالهم تعيش معهم ومن بعدهم ، فلا هم أصحاب مهن أو وظائف ودرجات ومهايا وتقاعد وضمان ، هم قاطرة الأمة ومصباحها ، ويجب أن تُسخر لهم كل الإمكانيات التي يحتاجونها لإنتاج أكبر وأعمال أعظم ويزداد أعدادهم أكثر ،
نرجوا أن نرى في بلادنا صروح علمية وبحثية وثقافية وإعلامية عظيمة ، وإنجازات نهضوية تحقق مؤشرات قياسية في أحجام الاختراع والابتكار والأعمال الادبية ، وأعداد المفكرين والأدباء والكتاب والشعراء والإعلاميين والصحفيين والفنانين ، وأن يتعاظم انتاجهم لمصاف العالم المتقدم ، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تم تصويب أوضاع النخب الليبية ، وتسوية أوضاعهم المالية ، وتبني خطط وبرامج ومشاريع إستراتيجية للنهوض بالعلم وبالفكر والثقافة والمعارف والأداب والفنون والإعلام النافذة المفلترة التي يطل من خلالها المجتمع على بعضه وعلى العالم ، ينقل ما يفيد ويحمي من ما يضر ، ويظهر ما يمتاز به الناس وما يتحقق من نجاحات كبيرة يفاخر بها بين الأمم ،
إن ضنك المعيشة يدمر الفكر ويذهب العقل ، ويرخص الكلمة ، والانسان كرامة والكرامة تاج الحكمة ، والحكمة ضالة المؤمن . بلادنا قارة وخيرها وفير وشعبنا على قله عظيم ، والأمم تقاس بمفكريها وعلمائها وبأقلامها وفلاسفتها وقرائها .
وبالعلم والمعرفة والثقافة تمحو الشعوب جهلها وتداوي دائها وتبني أمجادها ..

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …