منصة الصباح

الطب والممارسة

الطب ليس مجرد علم وممارسة بل فن يقوم على الحكمة والرحمة ، يجتمع فيه العقل والقلب والجوارح لخدمة الإنسانية ، وهو رسالة شريفة وأمانة إنسانية وأخلاقية مسؤولة عن حفظ النفس وحماية الحياة ومنع الأذى ، والتخفيف من معاناة المرضى ، يتطلب الجمع بين العلم والحكمة والرحمة والأمانة والصدق والكفاءة والخبرة ، والطبيب عليه ان تجتمع فيه كل هذه الخصال مع التضحية والإيثار والاستمرارية في التعلم والتطور في فنون الممارسة العلمية ، ما يجعله يتعدى دور التشخيص الدقيق والعلاج الفعال ، ليكون أكثر من السند ومصدر للثقة ورمز للانسانية ، تتوفر فيه البصيرة والقدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة المرتكزة على الخبرة والادلة والبراهين والتجربة والتحصيل العلمي والمهارة والتميز ، والمعاملة بإحترام ولطف وتقدير للمرضى ، والاستماع لهم بتمعن وتفهم آلامهم وظروفهم النفسية والاجتماعية ، وإعطاء المعلومات الطبية الدقيقة والواضحة وبشفافية بدون تهويل أو تهوين ، ومن غير إستغلال للمرضى ماديا ، أو طلب إجراءات تشخيصة أو علاجات غير ضرورية ، وضرورة الحفاظ على أسرار المرضى وعدم إفشاء بيناتهم الصحية ،

ويتطلب من الطبيب أن يكون له القدرة على العمل تحت الضغوط والتعامل مع الطوارئ والحوادث والكوارث ، والقدرة على ضبط النفس في المواقف الصعبة ، ويتمتع بمهارات التواصل الفعال مع المرضى وذويهم ومع الزملاء والعاملين معه ،

الطب من أسمى المهن الإنسانية حظيت بتقدير واحترام وتمجيد الفلاسفة والحكماء والعلماء على مر العصور ، حيث قال أبقراط حيث توجد محبة الانسان هناك محبة لفن الطب ، والطبيب الحكيم يعالج المرض والطبيب العظيم يعالج المريض ، وجالينوس قال أفضل الأطباء من يملك المعرفة والرحمة معاً ، لإحتياج المرضى إلى علاج أجسادهم وطمأنينة نفوسهم ، وابن سينا قال إن الوهم نصف الداء والاطمئنان نصف الدواء والصبر أول خطوات الشفاء ، والرازي أوصى إن استطعت العلاج بالكلام لا تعطي للمريض دواء ، ولا ننسى باراسيلسوس الذي أكد أن الطب ليس مهنة بل رسالة تهدف لتخفيف آلام البشر ، ووليام أوسلر الذي قال الاستماع للمرضى تشخيص ، والطب علم وإنسانية ،

وموسى بن ميمون قال اللهم اجعلني أن أرى الانسان في المريض لا مرضه فقط ، في الطب الحكمة بصيرة والرحمة بدونها الطب تجارة ، والامانة تحمي من الزلل ولا طب من غيرها ، والصدق ثقة ، والمعرفة اساس الممارسة ، ولها أصولها وقواعدها ومتطلباتها والقدرة على ممارستها وتطويرها ، والخبرة تطبيق للمعرفة ، والكفاءة إستمرارية التعلم والبحث والتطوير في العلوم والذات والاداء ، والمرض ليس سلعة للاستثمار الاقتصادي ، المرض تهديد للصحة والإنتاج والحياة والاقتصاد والتنمية ، والاستثمار في الطب بالثقافة الصحية المجتمعية العالية والشاملة ، وبالتعليم والتدريب العالي المتقدم والمتميز والمستمر ، وبالتقنية والتكنولوجيا الحديثة المتطورة ، وبالخدمات الصحية الالكترونية المرقمنة والذكاء الاصطناعي والطب التنبؤي والاستباقي وطب أنماط الحياة ، ومنع الأمراض ، ونظام استشفائي متقدم يرتكز على الفرد والمعلومات الدقيقة والمعايير العالية والحوكمة ، ويتخطى بدل الجهد لتحقيق النتائج المطلوبة ، لا يقبل الخطأ والتقصير والإهمال والاستغلال لأنهم جرائم بالقانون والعرف والأخلاق والقيم الانسانية النبيلة ، مصلحة المريض فوق كل إعتبار ، والكرامة والمساواة والاحترام جوهر العلاقة بين المريض والمعالجين وكل منظومة النظام الصحي ..

إن خصال المهنة وممتهنها وأهدافها هي فلسفة وروح الطب والتطبب ، وهي السياسات والهيكلة والنظم والتشريعات والقوانين واللوائح للنظام الصحي الفعال ، الذي يحقق الصحة والعافية والرفاه ، وحفظ النفس وحماية الحياة ، والعدالة والمساواة ، والحكمة في القرارات والرحمة في الممارسة …

د.علي المبروك أبوقرين

شاهد أيضاً

التوعية الصحية المجتمعية

التوعية هي عملية منهجية لنشر المعرفة الصحية والوقائية بين أفراد المجتمع ، لتمكينهم من صحتهم …