د. علي المبروك أبوقرين
الأورام من الأمراض الخطيرة والمعقدة، وتتنوع أسبابها ما بين معروفة وغير معروفة. تصيب كل الفئات العمرية، وتتزايد أعداد المصابين بالأمراض السرطانية خاصة في البلدان الفقيرة والمنخفضة الدخل التي تفتقر لأنظمة صحية فعالة ومنصفة. يتوقع أن تتراوح الزيادة في حالات الأورام من 12 مليون إلى 32 مليون حالة سنويًا، مع ارتفاع الإنفاق على أدوية الأورام الذي بلغ 223 مليار دولار في 2023، بزيادة 25 مليار دولار عن 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى 409 مليار دولار بحلول 2028. في الولايات المتحدة، ارتفع الإنفاق على الأورام من 65 مليار دولار في 2019 إلى 99 مليار دولار في 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 180 مليار دولار في 2028، مع زيادة العلاجات بمعدل 9% سنويًا منذ 2019.
تتطور آليات وطرق العلاج بشكل مستمر، خاصة في المجالات الخلوية والجينية والأجسام المضادة. تم إطلاق 125 مادة نشطة في علم الأورام خلال الخمس سنوات الماضية. هناك أكثر من 2000 تجربة سريرية جديدة لعلاجات واعدة للأورام المعقدة.
في ليبيا، رغم التطور السابق في بناء المرافق الصحية وكليات الطب، تراجعت الكثير من المؤسسات الخدمية والتعليمية والبحثية بسبب الظروف الحالية، بينما تشهد الخدمات الصحية في العالم تطورات تقنية وعلمية كبيرة. أمراض الأورام السرطانية تتطلب تشخيصات دقيقة تبدأ بالكشف المبكر، ولكل مريض بروتوكول علاج خاص يعتمد على حالته الصحية والاجتماعية والاقتصادية. تتنوع العلاجات بين الكيميائي، المناعي، الهرموني، الموجه، الجينومي، زرع الخلايا، الجراحات التقليدية والتنظيرية، الروبوتية، جلسات العلاج الإشعاعي، والجراحات الإشعاعية.
يجب على الدولة توفير خدمات صحية متكاملة وحديثة لجميع المواطنين، مع تأهيل الكوادر الطبية وفقًا للمعايير العالمية. يجب التعجيل بوضع سياسات صحية صارمة وتطبيقها على جميع الجهات، والبدء في مشروع الكشف الطبي المبكر، واستكمال البنى التحتية الصحية، ورفع كفاءة الكوادر الطبية وتغطية النواقص بالخبرات من الخارج. من الضروري احتكار الدولة للخدمات الصحية للأورام ومنع تداول الأدوية الخاصة بها خارج المرافق الصحية العامة، مع تطوير البحوث الصحية والتعاون مع المراكز والجامعات الدولية، وتطوير خدمات الرعاية الصحية الأولية، العنايات الفائقة، العلاجات التلطيفية، والتسجيلات الوطنية للمصابين. يجب تكثيف التوعية الصحية وتعزيز البرامج الوقائية، ودعم الرعاية الصحية الأولية والكشف المبكر على الأمراض، وإعادة النظر في التعليم والتدريب الطبي والصحي، والابتعاد عن تسليع الخدمات الصحية.
إن الأوضاع الصحية الصعبة تتطلب جهودًا جادة لتحسين الخدمات الصحية.
حفظ الله بلادنا وشعبنا.