حمزة جبودة
مع الحلقة الرابعة من مسلسل “مستقبل زاهر” بدأت أحداث العمل الدرامي تتضح أكثر فأكثر، عبر سلسلة من المشاهد التي تكشف جزءًا كان مخفيًا لسنوات عن صفقات سلاح واغتيالات وسلطة العائلات التي تتحكم في مفاصل الدولة بكل مؤسساتها.
“دولة الحاج رافع بن رافع” وليبيا:
يعيش الحاج رافع- الفنان القدير عبد السيد آدم- وكأنه يملك ليبيا ومن فيها، وله رؤية دموية متعطشة للخراب، تكمن في ديّة القتيل لديه لها سعر خاص “200 ألف دينار” ولا مشكلة لديه إن تضاعف السعر، ولكن بشروطه ورضاه.
سلطته الفعلية تبدأ مع تحكمه في مافيا “تهريب البشر” وتجارة السلاح واحتكار العقارات ولو بالقوة لمن يرفض بيع عقاره لعائلة الحاج رافع.
لكنّ هذا النفوذ الذي يتمتع به الحاج رافع بن رافع، تُشرف عليه شخصية غامضة اسمها “الدكتور”- الفنان فرج عبد الكريم- وتلعب هذه الشخصية دورًا رئيسيًا في إدارة كل أنشطة الحاج رافع، والأهم أن هذه الشخصية هي من تتحكم في رافع وقادرة على إنهاء وجوده ومسحها من المشهد العام.
وللحاج رافع، أولاد أبرزهم “رجب”- الفنان سعيد المهدي- وهذا الابن هو اليد الضاربة لوالده، والذي ينهي أي مشكلة تواجه الحاج، بطرق إجرامية، ويفعل كل شيء وكأن البلد ملكًا حقيقيًا لعائلته.
في مقابل كل هذا، تأتي شخصية “العقيد عمر”- الفنان القدير أحمد إبراهيم- والتي أُحيلت للتقاعد فقط لأن العقيد يملك ملفًا كاملاً عن كل أنشطة الحاج رافع غير القانونية.
في الحلقة الرابعة أوضح العمل الدرامي تاريخ الشخصية وأسباب عداوتها مع أحد أخطر “قادة المليشيات”، وهو أن الحاج رافع قتل زوجة وأبناء العقيد العمر قبل زمن، ولم يتمكن حينها من القبض عليه وسجنه، بسبب نفوذ من يدعمون رافع.
الحاج رافع ومستقبل زاهر:
بالتأمل في سردية العمل الدرامي، نكتشف أن لقب “الحاج” الذي اختاره الكاتب والمخرج نزار الحراري، هو لقب واقعي إلى درجة كبيرة جدًا، ففي ليبيا ومنذ سنوات، أصبح لقب “الحاج” مقترن ببعض قادة المليشيات،
وطبعًا هذا اللقب يمنح سلطة “دينية واجتماعية” لأي خارج عن القانون، ويتم تقديمه في الملتقيات أو الاجتماعات باسم الحاج، وعادةً أغلب هؤلاء لا يملكون شهادات علمية ولم يُكملوا تعليمهم.
الإسقاط الدرامي وليبيا:
المتابع للشأن العام في ليبيا، بمجرد أن يشاهد مسلسل “مستقبل زاهر” لن يشعر بأي بالغُربة الدرامية في هذا العمل، بل سيجد نفسه يشاهد مشاهد هو عاشها من قبل، أو كان شاهدًا عليها، وهذا الأمر قد يُربك أي كاتب سيناريو في ليبيا، بمعنى أن الكتابة الدرامية عن ليبيا،
تحتاج لمضاعفة جُرعة “المكاشفة” للواقع وفي نفس الوقت الإبتعاد عن “مقصّ الرقابة” أو “رفض العمل لأسباب سياسية وأمنية”، وهذا نجح فيه كاتب العمل المخرج نزار الحراري، في صناعة عمل بمعايير اليوم من الناحية الإخراجية لسردية العمل.
وهذا بدأ مع صعود العقيد عمر، “الضابط الوطني” الذي يعمل لأجل وطنه وأمنه، ولم يخاف من الترهيب الذي وقع عليه وتسبب في تقاعده المبكر.
سنواصل معكم، متابعة العمل “مستقبل زاهر” للحديث عن شخصيات محورية في العمل لم نذكرها بعد.