منصة الصباح

درس طرابلسي

بوضوح

بقلم / عبدالرزاق الداهش

المحال التجارية في مدينة طرابلس ليست مغلقة، والناس يذرعون شوارع المدينة التي تزدحم بهم، ويتسوقون.

المقاهي مفتوحة وتعج بروادها ، كما أن المطاعم مفتوحة، والصيدليات، وحتى محال بيع الألعاب النارية.

في مدينة طرابلس أيضا تقام الأعراس، واحتفالات الخطوبة، والتخرج، والنجاح، وحتى أعياد الميلاد.

هل هذه مدينة طرابلس التي تعيش حالة حرب، وتنزل عليها صواريخ الكاتيوشا المطورة، والقذائف المدفعية، والقنابل؟

هل هذه مدينة طرابلس التي تفقد كل يوم افرادا من سكانها، وبيوتا من بيوتها، وممتلكات عامة وخاصة من موجوداتها؟

نعم هذه هي طرابلس، وهؤلاء هم أهل طرابلس، الذين يقاومون الحرب على مدينتهم، ويرفضون الحرب عليهم، بأن يعيشوا حياتهم الطبيعية.

يتجولون في الأسواق كالمعتاد، ويشربون الكابتشينو في المقاهي كالمعتاد، ويتريضون في الساحات الرياضية.

لم يحبسوا أنفسهم في بيوتهم، وينخرطوا في حياة استثنائية، رغم أن القذائف العمياء قد تسقط عليهم في أي وقت، وفي أي مكان.

لم يغلقوا على أولادهم أبواب منازلهم، بمنطق الحالة حالة حرب، وحتى بعد منتصف الليل، طرابلس تنبض بالحياة، رغم أن مدن أخرى، في دول مستقرة، بنام أهلها، قبل موعد صلاة العشاء.

سکان طرابلس هم الأكثر تضررا من هذه الحرب، فهي حرب على مدينتهم، وعلى سلمهم الأهلي، ومع ذلك يرفضون بطريقة عدم الاكتراث لها .

هذه هي طرابلس، وما كانت لتكون طرابلس، لو لم تكن هكذا، وإنه درس طرابلسي لمن يريد أن يفهم .

مصرف ليبيا قطع الميزانية، مع قفل أول ميناء نفطي، رغم أن احتياطات ليبيا تكفيها ألف يوم توريدات، بينما لم تتجاوز مئة يوم في الدول التي حولنا، والمالية من جهة، وديوان المحاسبة من أخرى.

حربك هي التي تديرها، ولا تتركها تديرك.

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …