منصة الصباح

خيول اليونان العالية

بوضــــــوح

بقلم : عبد الرزاق الداهش

 

استدعت الخارجية اليونانية السفير التركي لدى اليونان، كما استدعت السفير الليبي، ولسبب واحد، وهو توقيع مذكرة التفاهم بين الدولتين التركية والليبية.

الخارجية اليونانية استخدمت مع السفير التركي كل مفردات العلاقات العامة، على نحو: لو تكرمتم، ولطفا، ولو سمحتم.

وفي نفس الوقت استعملت الخارجية اليونانية مع السفير الليبي، كل مفردات العنجهية، على نحو: من أين لكم؟ ومن سمح الكم؟ ومن أنتم؟

السفير التركي شرب قهوته، ورافقه مسؤول المراسم إلى سيارته، وودعه على أمل اللقاء في مناسبة أفضل.

أما السفير الليبي فقد أمهلوه ثلاثة أيام لإطلاعهم على المذكرة، وثلاثة أيام أخرى المغادرة اليونان.

لماذا لم تمهل اليونان السفير التركي حتى ثلاثة أسابيع لاطلاعها على المذكرة، أو ثلاثة أشهر لمغادرة اليونان؟.

إذا كان بالجغرافيا فتركيا هي الأقرب، وإذا كان بالتاريخ فمنسوب العداوة مع تركيا أكثر.

ما الفرق بين السفير التركي الذي لم ينقصه إلا أن يقول لليونانيين بلطوا البحر، أو بلطوا ما تبقى لكم من البحر، وبين السفير الليبي الذي استمع لهم، وسایرهم، رغم قلة الذوق.

المختلف هو أن تركيا دولة قوية، وهذا ما جعل اثينا تمتص ريقها، أما ليبيا دولة ضعيفة، وممزقة، وتأكلها الحرب، هذا ما أسال لعابها.

ولأننا لا نملك الأف 16، والبوارج الحربية وصواريخ الباتريوت، فعندما أرادت اليونان آن ترسم حدودها البحرية معنا، وضعت نقطة تحديد نصف المسافة، عند جزيرة نائية في المتوسط، لا يتجاوز عدد سكانها مئة وخمسين من البشر، وقرابة المئتين من رؤوس الماعز.

يبدو أن أبناء أفلاطون لم يدرسوا نظرية الإلزام الأخلاقي عند أفلاطون نفسه، وبالتأكيد لهم خيول عالية وبوسعهم أن يركبوا أعلاها.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …