منصة الصباح

خسارة الصين!

 

بقلم /د. ابوالقاسم عمر صميدة
هربت امريكا من جحيم افغانستان وتركت اسلحتها ومن دربتهم وتركت قواعدها واعلنت اخلاء طرفها ونفض يدها من تورابورا واسطوانة الارهاب، ونجت بجلد جنودها المتعبين، هربت فى سيناريو مشابه لهروب فيتنام ، وهاهى تعيد نفس الخطوات بعد قرابة الخمسين سنة وكأن وكالات امريكا وسياسييها لم يستوعبوا دروس التاريخ ، فالشعوب لا تستسلم تنتصر او تستشهد وفى النهاية تنتصر ، والغريب فى الامر ان هروب امريكا الاول استفادت منه الصين حين صمتت على تدمير ” هانوى” عاصمة الشمال الفيتنامى التى سُميت لاحقاً (بهوشى منه) فى ذلك الوقت قبضت الصين ثمن صمتها وخذلانها “للفيت كونج ” وهو اسم محاربى الشمال ، فقد رأينا الطفرة الصينية الاقتصادية وكيف تحولت الصين من بلد المبادىء والتسامح والانسانية الى وحش جائع لجنى الاموال ، فقد تركت سور الصين العظيم خلفها بتاريخه وارثه الامبراطورى واصبحت تتمدد عبر صناعاتها وجالياتها وبضائعها المُقلده ، واخيراً عبر استنساخ حديث لطريق الحرير ، ضاربة بذلك عرض الحائط لمصالح الشعوب من جيرانها ومن سيعبرهم خط الحرير ، ولأن امريكا ليست ملاك وليست جمعية خيرية فإن كثير من الخبراء يرون فى هروب امريكا من كابول وترك كل تلك الترسانة من السلاح والعتاد لتقع غنيمة بيد محاربى ” طالبان” وهو ما فسره الخبراء بأنه إشارة وعلامة لصناعة هزيمة محتملة وقادمة للصين ، فالصين المحاصرة من جميع الجهات بواسطة روسيا والهند وفيتنام وكوريا وبحر الصين الملىء بالاساطيل الامريكيةوالغربية وبتايوان الخصم التاريجى لجمهورية الصين ، يزداد وضعها سوء بوجود دولة طالبان التى لن تتردد فى السماح لمقاتلى الايجور الذين اضطهدتهم الصين ، والذين سيحدوا منطلقاً لهم لمواجهة الصين ، وهكذا فقد هربت امريكا وتركت خلفها حصان طرواده الذى يخبى للصين مفاجآت غير متوقعة ، لقد كان على الصين ان تسلم طريقا مختلفا غير طريق الحرير ، وكان عليها ان لا تخترق اسوارها وان تكتفى بقلعتها الحصينة بدلا من مد الطرق عبر جبال افغانستان وموانىء الشعوب الفقيرة واغراءات المال والابتسامة الصينية مجهولة المعنى ، اذكر اننى قابلت السفير الصينى فى طرابلس عام 1996م، وقلت له ؛ سعادة السفير لماذا لا يكون للصين موقف قوى لصالح الفلسطينيين ، موقف داعم وحقيقى ؟ ولماذا تُقيمون علاقة مع اسرائيل الدولة التى اغتصبت فلسطين وشردت شعبها ؟ يومها رد السيد السفير بأن الصين لا تستطيع التضحية بمصالحها وتجارتها مع امريكا ، ويكفى ان نسبة تجارة الصين مع امريكا تبلغ 37‎%‎ بينما مع العالم العربي هى 2.5‎%‎ ، لقد كانت الصين تعتقد ان التجارة والمال هى كل شىء ونسيت المبادىء والحق فى العلاقات الدولية ، والآن هاهى الصين تحصد ما تغافلت عنه ، وتستعد للانغماس فى مستنقع افغانستان ولو بعد حين ، فمصائب قوم عند قوم فوائد!

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …