لم يكن ختام أسبوع براح السابع، مجرّد نهايةٍ لفعاليات ثقافية وفنية امتدت ثلاثين يومًا، بل كان تتويجًا لرحلةٍ من الإبداع الجماعي الذي امتزج فيه الفن بالجهد، والموهبة بالعطاء..
على خشبة المسرح الشعبي في بنغازي، اجتمع الفنانون والمتدربون والجمهور في ليلةٍ استثنائية، حيث تحوّل المكان إلى مساحة نابضة بالموسيقا، تفيض بالعاطفة والجمال والامتنان..
موسيقا تختصر المسافات
افتُتحت الليلة بعزفٍ تناغم فيه الشرق والغرب والشمال والجنوب، حين قدّم متدربو براح باقات موسيقية تنقلت بين المدارس العربية والغربية، لتؤكد أن الفن لا يعرف حدودًا..
على البيانو، عزف كل من “ميس، أوس، أنس، وأحمد” بتناغمٍ أنيق يشي بتدرّبٍ طويل وشغفٍ واضح..
تبعهم عرض فرقة الزمن الجميل، التي اصطحبت الجمهور في رحلةٍ عبر الموشحات الأندلسية بصحبة شباب براح: صباح، مصطفى، أيهم، ونور، في أداءٍ جمع بين العراقة والحيوية، صاغ تفاصيله الفنان أحمد الزليتني كمن ينظم عقدًا من النغم والضوء..
القيثار يروي فصول الحلم
وقدَّم المعلم المبدع “إبراهيم التارقي”، ومع مشاركة الفنان “أحمد امسلم” على آلة الكاخون، قدّم متدربو القيثار: محمد، أحمد، مرام، مديحة، تالة، وبشرى فقرات موسيقية متنوعة، تنقّلوا فيها بين المقطوعات الكلاسيكية والعربية الحديثة، فأشعلوا تصفيق الجمهور وأعادوا إلى الأذهان روح البدايات الأولى لبراح حين كان الحلم ما يزال في طور التكوين..
بوبكر محمد يُحيي روح الراحل تامر العلواني
في لحظةٍ مؤثرة، صعد الفنان بوبكر محمد إلى المسرح ليُحيي، بصوته وإحساسه العميق، روح المبدع الراحل الملحن تامر العلواني، فكان المشهد مزيجًا من الوفاء والاحتفاء، ومن الحنين والحياة..
رافقه على الخشبة محمد بوسنينه، أحمد الزليتني، يوسف سرقيوه، بوبكر الجامعي، ونور الدين الفزاني، ومعهم الجوكر محمد حازم الذي شارك في معظم الفقرات بحيويةٍ لافتة..
ثم أطلّ عمر فيتور بأغنية “حبيبة قلبي” ليضع بصمته الخاصة، ويمنح الختام لمسة من الدفء والوفاء..
هندسة الصوت والمسرح.. أبطال خلف الكواليس
قدّم زياد وإسلام العروية أداءً استثنائيًا في هندسة الصوت، صاغا به لوحةً فنية لا تقل جمالًا عن العروض على الخشبة.
أما المسرح الشعبي، بإدارة الأستاذ الطيب الطيرة، فكان كالعادة مثالًا في التنظيم والتعاون والعطاء.
الجمهور.. شريك الإبداع
امتلأت القاعة بجمهورٍ مثّل لوحةً أخرى من الجمال؛ تفاعل راقٍ، وذائقة موسيقية عالية، وتقدير حقيقي لما قُدّم على مدار الشهر من ندوات وورش وأمسيات ومعارض..
لم يكن الحضور مجرد مشاهدين، بل جزءًا من التجربة، يصفّقون كمن يوقّع بحبٍّ على ذاكرة المدينة..
براح.. نحو موسمٍ جديد من الأمل
هكذا طوى براح للثقافة والفنون أسبوعه السابع على وعدٍ بالاستمرار، وقد أثبت مجددًا أن الفن في بنغازي ما زال قادرًا على جمع القلوب، وتوحيد الأصوات، وفتح نوافذ للضوء وسط كل ما يحيط..
ليلة الختام كانت خاتمة موسيقية لرحلةٍ طويلة من الشغف، وأغنية أخرى تُضاف إلى أرشيف المدينة التي لا تنام عن الحلم..