في محاولة جديدة لإنهاء الجمود السياسي في ليبيا، كشفت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن خارطة طريق جديدة، قدمتها في صيغة “أسئلة وأجوبة” توضيحية.
وتؤكد البعثة أن هذه الخارطة، التي تمتد من 12 إلى 18 شهرًا، تختلف جوهريًا عن المحاولات السابقة لكونها “حزمة متكاملة غير قابلة للتجزئة”، مدعومة بآليات دولية للمساءلة.
تستند الخارطة إلى مشاورات مكثفة شملت أكثر من 26 ألف ليبي، مما يعكس حرص الأمم المتحدة على إشراك طيف واسع من المجتمع الليبي، وتهدف الخارطة إلى إيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، مع التأكيد على ضرورة فصل نتائجهما لتجنب أي عرقلة محتملة.
و تتضمن الخارطة عدة نقاط مفصلية، لعل أهمها:
الانتخابات والقوانين، فبينما أثنت البعثة على جهود لجنة “6+6″، أشارت إلى أن الخارطة الجديدة تدعو صراحة إلى فصل مصير الانتخابات التشريعية عن الرئاسية، لتفادي “الثغرات الخطيرة” التي قد تعيق العملية برمتها، ويأتي هذا في إطار دعم المفوضية العليا للانتخابات بشكل فني وتشغيلي.
الحكومة الموحدة، حيث تؤكد الخارطة على الحاجة إلى تشكيل حكومة موحدة، لكنها تضع شرطًا أساسيًا وهو الاتفاق على القواعد الدستورية والانتخابية أولًا.
ويختلف هذا النهج عن مسارات سابقة حاولت تشكيل الحكومة قبل إحراز أي تقدم في الملف الدستوري.
الحوار المهيكل، اذ تقدم الخارطة آلية جديدة لمعالجة جذور الصراع عبر حوار “مهيكل” يتناول أربعة محاور رئيسية: الاقتصاد، الأمن، الحوكمة، وحقوق الإنسان.
ويُنتظر من هذا الحوار أن يضم ممثلين عن الشباب، النساء، المكونات الثقافية، والنقابات، لضمان معالجة شاملة لكل القضايا.
ضمانات التنفيذ للرد على التشكيك في إمكانية تطبيقها، حيث توفر الخارطة آليات مساءلة شهرية أمام مجلس الأمن الدولي، مع إمكانية تسمية الأطراف التي تعرقل التقدم، كما يضاف إليها الدعم والتنسيق الدولي عبر “مسار برلين” لضمان عدم تركها لتواجه مصير المحاولات السابقة.
ويبرز السؤال الأهم ، هل يمكن للخارطة أن تنجح ؟
تؤكد البعثة أن نجاح الخارطة يعتمد بالدرجة الأولى على “الإرادة السياسية والدعم الشعبي”، وليس على سلطة فرض أو تغيير الحكومات، حيث يقتصر دورها على الوساطة والتيسير، وفيما يتعلق ببعض القضايا الشائكة مثل “حملة الأرقام الإدارية”، توصي البعثة بإيجاد حل قانوني لهم خارج العملية الانتخابية.
وبينما تبدو هذه الخارطة أكثر شمولية ومصممة لتفادي أخطاء الماضي، يظل التحدي الأكبر هو مدى استعداد الفاعلين السياسيين في ليبيا لتغليب المصلحة الوطنية على مصالحهم الشخصية والفئوية.