منصة الصباح

حَقِيبَةٌ خَفِيفَةٌ … صِحَّةٌ سَلِيمَةٌ

باختصار

       نشرت وزارة التربية والتعليم عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك استطلاعاً للرأي، دعت فيه إلى فتح باب النقاش المجتمعي حول قضية ثِقل الحقيبة المدرسية وتأثيرها الصحي على التلاميذ، خاصة في الصفوف الأولى من مرحلة التعليم الأساسي..

       جاءت هذه الخطوة في إطار حرص الوزارة على الاستماع إلى آراء المواطنين ومقترحاتهم، إيماناً منها بأن الحلول الفعّالة تنبع من تضافر الجهود بين المواطنين والجهات الرسمية، وأن أي تطوير حقيقي للعملية التعليمية يتطلب مشاركة واسعة من جميع الأطراف المعنية، وهو أمر يحسب لها.

وانطلاقاً من أهمية هذا الملف، وحرصي على مستقبل التعليم وصحة أبنائنا، أود أن أشارك وزارتنا العريقة بفكرة أرى أنها قد تُحدث نقلة نوعية في التعامل مع هذه المشكلة. فالجميع يعلم أن الوزن الزائد للحقيبة المدرسية أصبح عبئاً يومياً يثقل كاهل الأطفال في سن النمو، الأمر الذي يتسبب في آلام مزمنة للظهر والعضلات، بل وقد يؤدي إلى تشوهات في العمود الفقري والساقين يصعب علاجها مع مرور الوقت.

تقوم فكرتي الأولى على إصدار كتاب موحد شهري لكل صف دراسي، بحيث يحتوي هذا الكتاب على جميع المواد المقررة لذلك الشهر، فيتم تقسيم محتويات الكتاب إلى وحدات مرتبة حسب المواد، بحيث تضم كل مادة الموضوعات التي سيدرسها الطالب خلال الشهر الواحد، ثم مع بداية كل شهر جديد يُسلَّم التلاميذ كتاباً جديداً يكمل ما سبق… وهكذا حتى نهاية العام الدراسي. وبهذا الأسلوب تكون الحقيبة المدرسية خفيفة طوال العام، ويحمل الطفل كتاباً واحداً فقط بدلاً من مجموعة من الكتب يومياً.

أما الفكرة الثانية، فهي التوجه نحو التحول الرقمي عبر استبدال الكتاب الورقي بحاسوب لوحي (تابليت) مخصص لكل مرحلة تعليمية، بحيث يكون لطلبة المرحلة الابتدائية جهاز مبسط، وللإعدادية جهاز بمواصفات أعلى، وللثانوية جهاز أكثر تطوراً يتناسب مع احتياجاتهم الأكاديمية، بحيث يتم تحميل جميع الكتب الدراسية بصيغ إلكترونية منظمة داخل هذه الأجهزة، مع توفير تطبيقات تعليمية داعمة لتعزيز الفهم والتفاعل مع المحتوى… على أن تنشئ الوزارة مراكز صيانة متخصصة في كل مراقبات التعليم بالبلديات، مع تحميل الطالب مسؤولية تكاليف الصيانة أو ضياع الجهاز وفق ضوابط محددة، هذا الحل لن يخفف وزن الحقيبة فحسب، بل سيسهم في رفع كفاءة العملية التعليمية وتحفيز الطلاب على التعلم بأساليب حديثة تتماشى مع التطور الرقمي في العالم.

في اعتقادي، أن تنفيذ هذين المقترحين لا يقتصر أثره على تخفيف وزن الحقيبة المدرسية فقط، بل يحقق فوائد تعليمية وتنظيمية مهمة. فهو يساهم في ضبط العملية التعليمية بشكل أدق، ويجعل متابعة التزام المعلمين بالجدول الزمني المقرر أمراً أكثر وضوحاً. كما يعزز وعي أولياء الأمور والطلاب بمحتوى المنهج وتسلسل دروسه، إضافة إلى تقليل الهدر المالي والورقي الناتج عن طباعة كتب ضخمة قد لا تُستخدم بالكامل، وتوجيه الموارد نحو تطوير المحتوى التعليمي وتحسين جودة الوسائل التعليمية.

إن تطبيق هذه الأفكار لا يحتاج إلى تغييرات جذرية في النظام التعليمي، بقدر ما يحتاج إلى إرادة حقيقية للتطوير وتوظيف الإمكانات المتاحة لخدمة الطالب والمعلم معاً.

إننا بحاجة إلى خطوات عملية تضمن بيئة تعليمية أكثر تنظيماً وكفاءة، وفي الوقت نفسه تراعي صحة أبنائنا وسلامتهم، لتبقى المدرسة مكاناً آمناً وصحياً ومحفزاً على التعلم وتطوير الذات.

د. على عاشور

شاهد أيضاً

جمعة بوكليب

أنا جُمعة … وهو جُمعة

جمعة بوكليب زايد..ناقص جُمعة الموفق شاعرٌ وروائيٌ ليبي، أصيلُ مدينةِ ترهونة، يعيش مغتربًا في دولة …