منصة الصباح

حوش العيلة .. عندما يتصرف الأبناء فيما ليس من حقهم؟

مشاهدات

فتحية الجديدي

البيت الكبير الذي تسكنه العائلة المكونة من عدد من الأبناء الذكور والإناث، الذين يحتويهم المكان بتفاصيله، ويضللهم بالحب والمودة والألفة والترابط القوى الذي يكون ظاهرا في أسلوب عيش كل أفراده، البيت ليس جدرانا أسمنتية وأبواباً خشبية ونوافذ زجاجية ورخاما وبلاطا وبورسلينا!.. البيت مخزن للذكريات، وحكايات تنسج كل لحظة، وقصص، وعبق السنين وكل هذه التفاصيل التي يعيشها أفراد العائلة جميعهم مهما طالت بهم الأيام.

(حوش العيلة) الذي يجتمع به الأبناء وأبناء الأبناء والأصهار وزوجات الأبناء وأطفالهم والوالد والوالدة، ومن يرتبطون بهم من أقارب هو المساحة الاجتماعية التي تحوي كل هؤلاء، ولايمكن الاستغناء عنه مهما كان، لأنه الجامع للأسرة الصغيرة والكبيرة علي حد سواء، ولايمكن التخلي عنه بأي حال من الأحوال، حتى الابنة التي تتزوج وتترك بيت أبيها تظل تبكي أياما ولياليا وتتحسر على خروجها من بيت العيلة وانتقالها إلى بيت زوجها، فلن يعوض عن بيت العائلة أي مكان آخر بديل..

البعض من أفراد العائلات، عندما يكبرون، يلحون باستمرار بأن يكون البيت من حقهم، بل ويسعون جاهدين للحجز الفوري على البيت مهما كلفهم ذلك، ويبذلون قصارى جهدهم للفوز ببيت العائلة بحجة أن الأخوات سينصرفن لأزواجهن يوما، والأخوة هم من يظلون به، ويختارون البقاء من هذا المنطلق أحيانا!

– من أعطى الأبناء الذكور دون الإناث إذن التمتع بهذا الحق؟.. دون الأخذ بالاعتبار أحقية الشقيقات في ذلك!

القرار الذي يأخذه بعض الأبناء من غير العودة والمشورة مع باقى أفراد العائلة لايكون مجديا وبه إقصاء معلن وظلم لباقي الأخوة..

لانريد الخوض في الفرائض ولاالمقاسمات، لأنه موضوع قانوني بحث ومنسوب الشريعة وفق الأسس والمبادىء الذي جاء بها ديننا الاسلامي، ومايحث عليه من أحقية شرعية لكل فرد، بل نريد أن نسلط الضوء على بعض المظاهر السلبية الاجتماعية التي تطال العديد من الأسر، ووقوع الكثيرين فيها، والأخطاء التي ترتكب في حق بعض أفراد هذه الأسر_بكل أسف_من منطلق المصلحة الشخصية والفائدة المغلفة بالأنانية حتى ولو كانت على حساب الغير، سواء  كانوا أخوات أو إخوة أو الأم..

هذا ما يحدث للأسف داخل محيط بعض العائلات!.. عندما تجد الأم مرغمة على بيع بيت العائلة من أجل أن يستفيد الابن، والتخلي عن السكن والملاذ والمكان الذي يمثل الكثير لها.

لماذا يكون بيت العائلة محط أنظار بعض الأبناء؟

من أعطى الصلاحية للأبناء في التصرف في بيت العائلة الذي هو بيت للجميع؟

هل يقوم بعض الأبناء بالتخلي عن البيت الكبير لمصلحة شخصية؟

هل مصير بعض الأمهات العيش خارج بيوتهن الأصلية لمجرد أطماع بعض الأبناء؟

المظلة الاجتماعية الجامعة لأفراد الأسرة لايمكن التخلي عنها ببساطة متناهية، ومن المفترض أن يحافظ الجميع على هذا الرابط المعنوي قبل أن يكون مجرد رقم يحققه في سوق العقارات، وأن يكون حاويا للكل قبل أن يكون (ورث) فقط، يمكن تقسيمه لحصص، ويسع الجميع بدل أن يكون ضيقا على مطامع البعض ونصب أعين البعض الآخر!

لايمكن لأي مكان مهما كانت فخامته أن يحل محل ( حوش العيلة ) في وجود الوالدين أوأحدهما، وليس من الأخلاق والمنطق أن يكون هذا المكان عرضة للتفريط فيه على حساب الأم، لأنها بكل بساطة هي المضحية دائما، وهذا لايعني أنها المهددة بالخروج من البيت للعيش مع أحد أبنائها أو بناتها لمجرد السطو العلني على بيتها ومأواها لبقية العمر.

ومن التأثيرات النفسية التي تخلفها مثل هذه التصرفات أو السلوكيات الخاطئة هي التفكك وابتعاد أفراد الأسرة الواحدة عن بعضهم البعض، والتخلي عن الرابط الاجتماعي الحميم والتواصل، ليحل مكانها الهجران والقطيعة، فما أحوجنا للتكاثف والترابط، وأن لاننزلق وراء مطامعنا، وأن لا نكون عبيدا لأنانيتنا المفرطة وننسى أن الأصول الاجتماعية تتطلب منا أن نكون مترابطين ومتعاونين لحل مشاكلنا والنأي بأنفسنا عن إلحاق الضرر بمن هم حولنا وأغلى ناس لدينا.

شاهد أيضاً

الكوني يشارك نزلاء دار الوفاء لرعاية العجزة والمسنين مأدبة افطار جماعي

أجرى النائب بالمجلس الرئاسي موسى الكوني، رفقة وزير الشؤون الاجتماعية وفاء الكيلاني، ومدير دار الوفاء …