منصة الصباح

“حمزة العوامي”.. ملامح الجدَّة أيقظت موهبته

 

الصباح/ حنان علي كابو

 

لم يكن يدرك التشكيلي المحترف “حمزة الصابر العوامي”، إن قفلَ باب الغرفة عليه لمذاكرة مادة الرياضيات، وهو على مقاعد الدراسة، ستفتح له أبوابا للفن والشهرة والحرفية، وهرباً من المذاكرة توقّف نظره على صورة ملامح “جدته” المعلّقة على جدران الغرفة، فأخذ ورقةً وقلماً، وبدأ في محاولة إتقان ملامحها ونقلها تماما..

“عندما فتحوا باب الغرفة، وجدوا رسمتي، فأعجبت أهلي كثيراً ،من هنا بدأت”..

تأثر “العوامي” كثيرا بالفنان “دافنشي” ومدرسته في التخطيط، ويقول عن ذلك:-

“التخطيط في الرسم، هو طريقة تخطيط أفضل رسام في العالم “ليوناردو دافنشي”، ولوحته الشهيرة “موناليزا “.. هو تخطيط هندسي صعب، لكن تستطيع من خلاله أن ترسم شوارع، وبشر، ورسمات صغيرة، رسمات صعبة أمضيت سنوات حتى أتعلم هذه المدرسة، والحمدالله تعلمتها”..

 

 

أصبح الرسم هرباً للبحث عن المتعة في الوجوه التي تستوقفه، وتعداه ليرسم ببقايا بن في كوب قهوته، مارًا على “التوابل، دقيق، حبة البركة، قهوة، شَعر، الكتابة على حبات الفستق”، وأشياء لاحصر لها، ومجرباً أيضا الرسم بالشمع والنار..

يأتي هزيع الليل، ويركن “حمزة” في مرسمه الصغير، الذي يحلم أن يجعله ببراح أكبر، ليشمل كل تطلعاته وآماله، ترافقه “أم كلثوم” بطربها الذي يوقظ ذكريات تحاصره، وتظل الموسيقى ملاذه الذي يفسح له بعضا من جنونه..

 

يصف الرسم بأنه صديقه الذي لايخون، بعد خيبات وعثرات وجبال من الخذلان، قضمت حلمه الهش، ورفيقه الذي يمنحه المتعة، ويفتح له نوافذ من التجريب والاكتشاف..

في كل صوره يخفي “حمزة” ملامحه جيداً؟سألته هل من باب التشويق وجذب الانتباه:-
أعترفُ “بجانب الغموض في شخصيتي”..

“حمزة” الذي يحمل بكالوريوس إدارة أعمال، يمضي جلَّ وقته في المرسم، الذي يحتاج إلى ممارسة وصبر في العمل، “يأخذ ريشته ويغمرها في الألوان الزيتية، التي يفضلها عن سواها”، تمنحه ألقها وعنفوانها، لوحاته التي يرفض قطعًا بيعها، يحتفظ بها لنفسه: “أنا من يعرف حقا قيمتها”..

كما نحت أيضا على “جمر السيجارة”، بحروف وأرقام يقول:- “الخطأ يكلفني الكثير، واضطر أحيانا للبدء من جديد”..

يمضي رفقة وحدته، التي جعلته يقرأ مئات الكتب:- “منها كتب سياسية وثقافية، وكتب تنميه بشرية، وكتب تاريخ، وتعلمت من خلالها فنون الرسم النادرة، وغير النادرة، تعلمت بها أيضا كيفية التقاط اللحظة وتثبيتها”..

يجيدُ “حمزة” خداع التصوير بأدواته وحيله، “فيمنح كدمة هنا للممثل، ويضفي ملامح أكبر”، حيث تمت الاستعانة به في أحد المسلسلات التي تم تصويرها في “طبرق” مسقط رأسه..

ينثر دقيقاً ليشكل لوحة لسيدة في أواخر العمر، وهي مرتدية زيها التراثي، تنزلق من كوبه بقايا بن معتّق ليفاجئنا بفتاة تتأرجح، يأخذه الحنين إلى حبه الأوحد فنجد “فيروز” متشحة و”بعدك على بالي “، يراهن نفسه ،فيكسب الرهان في كتابة الأسماء على حبات الفستق،

يأخذه الرهان بعيدًا فيرسم عين أغرقها الدمع برجله، تُقلق راحته “ذبابة بغيضة” فيأتي بالبهارات وحبة البركة، ويجعلها حقيقة ماثلة أمامنا بأدق تفاصيلها، يأخذه الحنين والغياب فيبتلع ذكرياته، ويعيدها معنا بورق مقوّى، وفرشاة أسنان، وعِنق على وجه القمر..

شاهد أيضاً

قراءات نقدية عن المجاز وعلاقته بالحق والحقيقة

  يقام يوم السبت القادم 7 سبتمبر 2024م، بقاعة المجمع لقاءً ثقافيًا تحت عنوان (قراءة …