منصة الصباح

حلم كارزاي..

 

 

جمال الزائدي

هل سيكون انسحاب القوات الامريكية من افغانستان..علامة فارقة في تاريخ الهيمنة الأمريكية على مقادير الكوكب..؟ لابد أن الإجابة عن مثل هذا السؤال تحتاج إلى براح أوسع وقاعدة معلومات أكبر وقدرات تحليلية تتجاوز ما يتوفر لعقل صحفي من العالم الثالث ..

ولكن على أية حال – وهذا ما لا يحتاج إلى إمكانيات خاصة في التحليل والاستقراء – فإن انسحاب اليانكي من أرض  الپشتون  و الطاجيك والهزارة والاوزبك والأيماك و التركمان و البلوچ ، وهي أهم القوميات في افغانستان.. سيكون علامة فارقة في مستقبل هذا البلد الذي تعرض للغزو قبل مايقرب من العشرين عاما ردا على ضربة أبراج منهاتن في الحادي عشر من سبتمبر 2001..حين برر جورج بوش الصغير حربه ” الصليبية ” على هذا البلد الفقير بدعوى إيواء حكومة طالبان في ذلك الحين للشيخ أسامة بن لادن الذي أعلن  مسؤولية تنظيمه عن العملية  الانتحارية الشهيرة.. جاءت القوة الأعظم بقضها وقضيضها وبما تملك من تكنولوجيا عسكرية متطورة تجر وراءها الحلف الأطلسي لمنازلة مجموعة من الرجال ينتمون مظهرا ومخبرا إلى عصور خلت..يأخذهم حنين جارف إلى ماض مجيد لم يتبق من أثره غير حكايات وصور غامضة ..

كانت مواجهة عجيبة بين محاربين من القرن الواحد والعشرين وآخرين  يأتون من كهوف القرن السابع او الثامن ..لاعدل ولاتكافؤ في قوة الطرفين ..لكنها مع ذلك حظيت بتغطية إعلامية فاقت في ابهارها ما تقدمه هوليوود من صور ومشاهد لابطالها الخارقين في افلام الأكشن والخيال العلمي ..

هزم بن لادن والملا عمر بالضربة الفنية القاضية وتحللت القاعدة وتلاشت طالبان في وهج الانفجارات الهائلة لصواريخ التوماهوك والكروز التي اعادت نحت الجبال في تورا بورا وكابول..واحتفل العالم الحر بالقضاء المبرم على اكبر بؤرة لتجمع الارهابيين على ظهر الكوكب.. وظهر حامد كارزاي من تحت الأنقاض   بأناقته الجامعة بين الأصالة والمعاصرة كوعد للافغان بحياة مرفهة وسعيدة في ظل دولة ديمقراطية جديدة ..

فجأة بعد أقل من عقدين وبعد مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعاقين ..يتبخر حلم الأفغان ويتراجع الأمريكان عن انتصاراتهم السينمائية وينسحبوا بآلتهم الحربية الجهنمية لتعود حركة طالبان لدق أبواب العاصمة مرة أخرى وينتشر الهلع بين السكان المحليين الذين تعاونوا مع اليانكي ضد أبناء جلدتهم..

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …